اُحبّهما فأحبهما». وقال (ص) : «ابناي هذان ، إمامان قاما أو قعدا». وكان النبي (ص) يصلّي ، فإذا سجد وثب الحسَنان عليهماالسلام على ظهره ، فإذا أرادوا أنْ يمنعوهما ، أشار إليهم أنْ دعُوهما ، فلمّا قضى الصلاة وضعهما في حجره وقال : «مَن أحبّني فليُحب هذين». وكان (ص) يجثو للحسنَين عليهماالسلام فيركبان على ظهره ، ويقول : «نِعمَ الجملُ جملكما! ونعم العدلان أنتما!». وحملهما (ص) مرّة على عاتقه ، فقال رجل : نعم الفرس لكما! فقال (ص) : «ونِعمَ الفارسان هما!». وحجّ الحسَنان عليهماالسلام ماشيين ، فلم يمرّا برجل راكب إلاّ نزل يمشي ، فقال بعضهم لسعد بن أبي وقّاص : قد ثقل علينا المشي ، ولا نستحسن أنْ نركب وهذان السيّدان يمشيان. فرغب إليهما سعد في أنْ يركبا ، فقال الحسن (ع) : «لا نركب ، قد جعلنا على أنفسنا المشي إلى بيت الله الحرام على أقدامنا ، ولكننا نتنكّب عن الطريق». فأخذا جانباً من النّاس. وكان ابن عبّاس مع علمه وجلالة قدره يمسك بركاب الحسنَين عليهماالسلام حتّى يركبا ، ويقول : هما ابنا رسول الله (ص). وسمع النبيُّ (ص) بكاءهما وهو على المنبر ، فقام فزعاً. وكان (ص) يخطب على المنبر ، فجاء الحسَنان عليهماالسلام وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل (ص) من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ، ثمّ قال : (إنّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ) فإذا كان بكاء الحسنَين عليهماالسلام ـ وهما طفلان صغيران ـ وعثورهما في ثوبيهما أزعج النبي (ص) كلّ هذا الإزعاج حتّى نزل عن المنبر فزعاً مدهوشاً ، وحملهما ووضعهما بين يديه ، فما كان يجري على النبي (ص) لو رأى ولده الحسن (ع) يلفظ كبده قطعاً من السمّ الذي دُسّ إليه؟! وما كان يجري عليه لو رأى ولده الحسين (ع) وهو وحيد فريد لا ناصر له ولا معين ، يستغيث فلا يُغاث ، ويطلب شربة من الماء فلا يُجاب ، وقد أحاط به ثلاثون ألفاً يرمونه بالسّهام ويطعنونه بالرماح ، ويضربونه بالسيوف ويرشقونه بالحجارة حتّى اُثخن بالجراح ، وصارت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ حتّى ذبحوه كما يُذبح الكبش ، ونساؤه وعياله تنظر إليه؟! أما كان النبي (ص) يبكي ويجزع ويتفطّر قلبه ويتصدّع؟
يا رسولَ اللهِ لو عاينْتهُمْ |
|
وهُمُ ما بين قتلٍ وسِبا |
لرأتْ عيناك منهمْ منظراً |
|
للحشى شجواً وللعينِ قذا |