المجلس السّادس بعد المئة
روى الكُليني في الكافي بسنده عن الامام الصّادق (ع) قال : بينا النّبي (ص) في المسجد الحرام وعليه ثياب له جدد ، ألقى المُشركون عليه سِلا ناقة فملؤوا ثيابه بها ، فدخله من ذلك ما شاء الله ، فذهب إلى أبي طالب فقال له : «يا عم ، كيف ترى حَسبي فيكم؟». فقال له : وما ذاك يا بن أخي؟ فأخبره ، فدعا أبو طالب حمزة وأخذ السّيف وقال لحمزة : خُذ السّلا. ثُمّ توجّه إلى القوم والنّبي (ص) معه ، فأتى قريشاً وهم حول الكعبة ، فلمّا رأوه عرفوا الشرّ في وجهه ، ثُمّ قال لحمزة : أمر السّلا على سبالهم : أي شواربهم. ففعل ذلك حتّى أتى على آخرهم ، ثُمّ التفت أبو طالب إلى النّبي (ص) ، فقال : يابن أخي ، هذا حُسبك فينا. ولم يزل أبو طالب مُحامياً عن رسول الله (ص) وناصراً له ودافعاً عنه أذّى قريش وجبابرتهم حتّى توفّاه الله ، وهو القائل للنبي (ص) :
تالله لن يصلوا إليك بجمعهمْ |
|
حتّى اُوسّد في التّراب دفينا |
ودعوتني وزعمت أنّك ناصحٌ |
|
ولقد صدقت وكنت ثمّ أمينا |
فأين كان أبو طالب وأخوه حمزة بن عبد المطّلب عن حفيدهما الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) حين تألّب عليه أحفاد اُولئك المُشركين ، فأزعجوه عن حرم جدّه رسول الله (ص) إلى حرم الله؟! وأزعجوه عن حرم الله حتّى أحلّوه بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء ، وحالوا بينه وبين ماء الفُرات ، وأرادوا أنْ يحولوا بينه وبين رحله الذي فيه حرمه حتّى قال لهم : «يا شيعة آل أبي سُفيان ، إنْ لم يكُن لكُم دين ، وكُنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى أحسابكم إنْ كنتم عرباً كما تزعمون». وما كان وضع السّلا على ثياب رسول الله بأوجع لقلب رسول الله (ص) ، وأبي طالب وحمزة من إجراء الخيل على جسد ريحانة رسول الله (ص) حتّى هشّمت الخيل بسناكبها أضلاعه ، وطحنت جنان صدره.