المجلس السّابع بعد المئة
لمّا بُعث النّبي (ص) بالرّسالة وصدع بما أمره الله تعالى ، اجتمعت قريش إلى دار النّدوة وتعاقدوا بينهم على أنْ لا يُكلّموا بني هاشم وبني المطّلب ولا يُبايعوهم ، أو يُسلّموا إليهم رسول الله (ص) ليقتلوه. وكتبوا في ذلك صحيفة وعلّقوها في جوف الكعبة ، وأخرجوا بني هاشم من بيوتهم حتّى نزلوا شعب أبي طالب ، ووضعوا عليهم الحرس. فدخل الشِّعب مؤمن بني هاشم وبني المطّلب وكافرهم عدا أبي لهب وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب ، فبقوا في الشِّعب ثلاث سنين حتّى قامت جماعة من قريش ونقضت الصّحيفة ، وسلّط الله الأرضة على الصّحيفة فأكلتها ولم يبقَ منها إلاّ : باسمك اللهمّ. فكان رسول الله ، وهم بالشّعب ، إذا أخذ مضجعه ونامت العيون ، جاءه أبو طالب فأنهضه عن مضجعه وأنام عليّاً في مضجعه ، فقال علي ذات ليلة : «يا أبتي إنّي مقتول». فقال أبو طالب :
إصبرن يا علي فالصّبر أحجى |
|
كلُّ حيٍّ مصيره لشعوبِ |
قد بذلناك والبلاءُ عسيرٌ |
|
لفداء النّجيب وابن النّجيبِ |
لفداء الأغرّ ذي الحسب الثّا |
|
قبِ والباع والفناء الرّحيبِ |
إنْ رمتك المنون بالنّبل فاصبرْ |
|
فمصيبٌ منها وغيرُ مصيبِ |
كلُّ حيٍّ وإن تطاول عُمراً |
|
آخذٌ من سهامها بنصيبِ |
ولمّا حضرت أبا طالب الوفاة ، جمع بني أبيه وأحلافهم من قُريش ، ووصّاهم برسول الله (ص) وأمرهم بنصرته والذّب عنه ، وقال : إنّ ابن أخي محمّداً نبيّ صادق ، وأنشأ يقول :
اُوصي بنصر الأمين الخير مشهدهُ |
|
بعدي عليّاً وعمَّ الخير عبّاسا |