المجلس الثّالث عشر بعد المئة
لمّا كانت غزوة بدر ، وهي أوّل غزوات رسول الله وأشدّهما نكاية فيالمشركين ، وبها أذلّ الله جبابرة قُريش ، وبها تمهدت قواعد الدّين وثبت أساس الإسلام ، كان علي (ع) قُطب رُحاها وليث وغاها ، وكان عمره يومئذ خمساً وعشرين أو سبعاً وعشرين سنة ، وكان المُشركون فيها نحواً من ألف ومعهم مئتا فرس يقودونها ، والمسلمون ثلاثمئة وثلاثة عشر أو أزيد بقليل ومعهم ثمانون بعيراً وفرس واحد للمقداد ، فأوّل مَن برز من المُشركين عتبة بن ربيعة ، وكان رئيس القوم ، وأخوه شيبة وابنه الوليد بن عُتبة ، فدعوا إلى المُبارزة ، فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار ، فقالوا لهم : ارجعوا فما لنا بكم من حاجة. ثُمّ نادوا : يا محمّد ، اخرج إلينا أكفّاءنا من قومنا. فقال النّبي : «يا بني هاشم ، قوموا فقاتلوا بحقّكم الذي بعث الله به نبيكم». فقام حمزة بن عبد المطّلب وعلي بن أبي طالب وعُبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب بن عبد مُناف ، فبرزوا وهم مُقنّعون في الحديد فلم يعرفهم عتبة ، فسألهم : مَن أنتم؟ فانتسبوا له ، فقال : أكفاء كرام. فبارز حمزة عُتبة فقتله ، وبارز عليّ ـ وكان أصغر القوم سنّاً ـ الوليد فقتله ، وبارز عُبيدة ـ وكان أسنّ القوم ـ شيبة فجرحه ، وضربه شيبة على ساقه فقطعها ، وكرّ حمزة وعلي على شيبة فقتلاه واحتملا عُبيدة ، ولمّا جيء بعُبيدة ، وإنّ مُخّ ساقه ليسيل ، قال : يا رسول الله ، ألست شهيداً؟ قال : «بلى». قال : أما والله ، لو كان أبو طالب حيّاً لعلم أنّي أحقّ بقوله :
كذبتمْ وبيتِ الله نُخلي محمّداً |
|
ولمّا نطاعنْ دونه ونناضلِ |
وننصره حتّى نُصرّع حولهُ |
|
ونذهل عن أبنائنا والحلائلِ |
وحُمل عُبيدة من مكانه فمات بالصّفراء. وجميع مَن قُتل في هذه الوقعة من المُشركين سبعون رجلاً ، واُسر منهم نحو من سبعين رجلاً ، قَتل المسلمون النّصف وقَتل علي (ع) ـ باتّفاق الرّواة ـ منهم خمسة وثلاثين بقدر النّصف ، وقيل ستّة وثلاثين ، أكثر من النّصف