المجلس السّادس عشر بعد المئة
لمّا كانت وقعة اُحد ، جاءت قُريش ومَن طاعها من القبائل ، وخرجوا معهم بالنّساء يضربن بالطّبول والدّفوف ويُحرّضن على الحرب ، فيهن هند زوجة أبي سفيان ، وكان رئيس القوم ، وكان المُشركون ثلاثة آلاف فيهم سبعمئة درع ومئتا فرس ، والمُسلمون ألفاً وفيهم مئة درع والخيل فرسان ، فرجع منهم ثلاثمئة من المُنافقين فبقوا سبعمئة ، وكان الفتح في هذه الوقعة وانهزام المُشركين على يد أمير المؤمنين (ع) كما في وقعة بدر ، وقتل بسيفه صناديد المُشركين ورؤوس الضّلال ، وفرّج الله به الكرب عن وجه رسول الله (ص). وجعل المُشركون على ميمنتهم خالد بن الوليد ، وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل ، ولواؤهم مع بني عبد الدّار ، وكان لواء النّبي (ص) مع علي بن أبي طالب (ع) ، فلمّا علم أنّ لواء المُشركين مع بني عبد الدّار ، أعطى لِواءه رجلاً منهم يُسمّى مُصعب بن عُمير ، فلمّا قُتل ردّه إلى علي (ع). واستقبل رسول الله (ص) المدينة وجعل اُحداً ظهره ، وجعل وراءه الرّماة ، وكانوا خمسين رجلاً ، وأمر عليهم عبد الله بن جُبير ، وقال له : «اثبت مكانك إنْ كانت لنا أو علينا». ولبس (ص) درعين. وقتل علي (ع) أصحاب اللواء ، فيما رواه ابن الأثير عن أبي رافع ، وكانوا سبعة ، منهم طلحة وكان يُسمّى كبش الكتيبة وابنه أبو سعيد وأخوه خالد وعبدٌ لهم يُسمّى صوباً أخذ اللواء لمّا قتل مواليه ، فَقتله علي (ع) وانهزم المُشركون ودخل المسلمون عسكرهم ينهبون ، فلمّا رأى ذلك بعض الرّماة ، اقبلوا يُريدون النّهب وثبتت طائفة مع أميرهم ، فنزلت : (مِنكُم مَن يُرِيدُ الدّنْيَا وَمِنكُم مَن يُرِيدُ الآخِرَةَ). فرأى خالد بن الوليد قلّة مَن بقي من الرّماة فحمل عليهم فقتلهم ، وحمل على أصحاب النّبي (ص) من خلفهم ، فلمّا رأى المُشركون خيلهم تُقاتل ، حملوا على المُسلمين فهزموهم. قال ابن الأثير : ورجع رجل من الصّحابة وجماعة من هزيمتهم بعد ثلاثة أيام ، فقال لهم رسول الله (ص) : «لقد ذهبتم فيها عريضة». وباشر رسول الله (ص) الحرب بنفسه ، وجُرح وسقط