المجلس السّابع عشر بعد المئة
في الكامل لابن الأثير : لمّا كان يوم اُحد وانهزم المُسلمون بمخالفة الرّماة أمر رسول الله ، كسرت رباعية رسول الله السّفلى ، والرّباعية : هي السّن. وشقّت شفته وجُرح في وجنته ، ولمّا جُرح رسول الله ، جعل الدّم يسيل على وجهه وهو يمسحه ، ويقول : «كيف يفلح قوم خضّبوا وجه نبيهم بالدّم وهو يدعوهم إلى الله». وترّس أبو دجانة رسول الله بنفسه ـ يعني جعل نفسه كالتّرس له ـ فكان يقع النّبل في ظهره وهو منحن عليه ، كما ترّس سعيد بن عبد الله الحنفي الحسين (ع) يوم عاشوراء ، ووقف يقيه من النّبال بنفسه ، ما زال ولا تخطّى ، فما زال يرمى بالنّبل حتّى سقط إلى الأرض وهو يقول : اللهمّ ، العنهم لعن عاد وثمود. اللهمّ ، أبلغ نبيك عنّي السّلام وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فإنّي أردت ثوابك في نصر ذرّيّة نبيك. ثُمّ قضى نحبه رضوان الله عليه ، فوجد فيه ثلاثة عشر سهماً سوى ما به من ضرب السّيوف وطعن الرّماح. وكذلك فعل عمرو بن قرظة الأنصاري ، فإنّه كان لا يأتي إلى الحسين (ع) سهم إلاّ اتّقاه بيديه ، ولا سيف إلاّ تلقّاه بمُهجته ، فلم يكن يصل إلى الحسين (ع) سوء حتّى اُثخن بالجراح ، فالتفت إلى الحسين (ع) وقال : يا بن رسول الله أوَفيت؟ قال : «نعم ، أنت أمامي في الجنّة ، فاقرأ رسول الله عنّي السّلام وأعلمه أنّي في الأثر». فقاتل حتّى قُتل رضوان الله عليه. واقتدى بهما في ذلك حنظلة بن أسعد الشّبامي ، فإنّه جاء فوقف بين يدي الحسين (ع) يقيه السّهام والرّماح والسّيوف بوجهه ونحره ، ثُمّ تقدّم فقاتل حتّى قُتل. وقاتل رسول الله يوم اُحد قتالاً شديداً ، فرمى بالنّبل حتّى فني نبله ، وانكسرت سِيَة قوسه وانقطع وتره ، ولما جُرح رسول الله ، جعل علي (ع) ينقل له الماء في درقته من المهراس ، والمهراس : اسم عينٍ باُحد. ويغسل الدّم فلم ينقطع ، فأتت فاطمة عليهاالسلام تُعانقه وتبكي. فياليت عليّاً (ع) لا غاب عن ولده الحسين (ع) يوم