المجلس السّادس والثّلاثون بعد المئة
أتت أسماء بنت يزيد الأنصارية إلى النّبي (ص) وهو بين أصحابه ، فقالت : بأبي واُمّي أنت يا رسول الله! أنا وافدة النّساء إليك ، إنّ الله عزّ وجل بعثك إلى الرّجال والنّساء كافّة فآمنّا بك وبالهك ، وإنّا معشر النّساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم وحاملات أولادكم ، وأنّكم معاشر الرّجال فُضّلتم علينا بالجمع والجماعات ، وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحجّ بعد الحجّ ، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عزّ وجل ، وأنّ أحدكم إذا خرج حاجّاً أو مُعتمراً أو مُجاهداً ، حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربّينا أولادكم ، أفما نشارككم في هذا الأجر والخير؟ فالتفت النّبي (ص) إلى أصحابه بوجهه كلّه ، ثُمّ قال : «هل سمعتم مسألة امرأة قط أحسن من مسألتها هذه في أمر دينها؟». فقالوا : يا رسول الله ، أيّ امرأة تهتدي إلى مثل هذا؟! فالتفت إليها النّبي (ص) وقال : «إفهمي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النّساء ، إنّ حُسن تبعّل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتّباعها امره ، يعدل ذلك كُلّه». فانصرفت وهي تهلل حتّى وصلت إلى نساء قومها من العرب ، وعرضت عليهنّ ما قاله رسول الله (ص) ، ففرحن وآمنّ جميعهن ، وسُمّيت رسول نساء العرب إلى النّبي (ص). والنّساء فيهنّ كثير من العاقلات الكاملات اللواتي سبقن الرّجال بكمالهنّ وعقلهنّ وحسن أفعالهنّ ، فمنهن اُمّ وهب بن حباب الكلبي ، وكان من أصحاب الحسين (ع) وكانت معه اُمّه وزوجته ، فقالت اُمّه : قُم يا بُني فانصر ابن بنت رسول الله (ص). فقال : أفعل يا اُمّاه ولا اُقصّر. ثُمّ حمل ولم يزل يُقاتل حتّى قتل جماعة ، ثُمّ رجع وقال : يا اُمّاه أرضيتِ؟ فقالت : ما رضيت حتّى تُقتل بين يدي الحسين (ع). فقالت امرأته : بالله عليك ، لا تفجعني بنفسك. فقالت له اُمّه : يا بُني ، اعزب عن قولها وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جدّه يوم القيامة. فرجع فلم يزل يُقاتل حتّى قُطعت يداه ، وأخذت امرأته عموداً وأقبلت نحوه ، وهي تقول : فداك أبي