المجلس الثّامن والثّلاثون بعد المئة
قال الله تعالى مُخاطباً لنبيه الكريم محمّد : (وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضّوا مِنْ حَوْلِك) وقال تعالى : (وَإِنّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم). وقال رسول الله (ص) : «حُسن الخُلق نصف الدّين». وقال : «ما من شيء أثقل في الميزان من حُسن الخُلق». وقال : «عليكم بحسن الخُلق ؛ فإنّ حسن الخُلق في الجنّة لا محالة ، وإيّاكم وسوء الخُلق ؛ فإنّ سوء الخُلق في النّار لا محالة». وكان رسول الله (ص) يقول : «اللهمَّ ، أحسنت خَلقي فاحسن خُلقي». وقال : «إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم ، فسعوهم بأخلاقكم». وقال : «أفضل النّاس إيماناً أحسنهم خُلقاً ، وأصلح النّاس أنصحهم للنّاس ، وخير النّاس من انتفع به النّاس». وقال : «إنّ جبرائيل ، الرّوح الأمين ، نزل عليّ من عند رب العالمين ، فقال : يا محمّد ، عليك بحسن الخُلق ، فإنّه ذهب بخير الدّنيا والآخرة». وكان رسول الله (ص) جامعاً لمكارم الأخلاق مستكملاً فضائلها ، كان دائم البشر سهل الخُلق ليّن الجانب ، ليس بفظّ ولا غليظ ، ولا عيّاب ولا مدّاح ، شديد الحياء والتواضع ، يأكُل على الأرض ويجلس جِلسة العبد ، ويخصف (١) نعله بيده ويرقّع ثوبه بيده ، ويركب الحمار العاري ويردف خلفه ، ويحلب شاته ويخدم أهله ، ويجيب دعوة المملوك ، ويُحب المساكين ويجلس معهم ويعود مرضاهم ويُشيّع جنائزهم ولا يُحقّر فقيراً ويقبل المعذرة. عن أبي ذر رضي الله عنه قال : كان رسول الله يجلس بين أصحابه كأنّه أحدهم ، فيجيء الغريب فلا يدري أيّهم هو حتّى يسأل ، فطلبنا إلى النّبي أنْ يجعل له مجلساً يعرفه الغريب إذا أتاه ، فبنينا له دكّة (٢) من طين ، فكان يجلس عليها ونجلس بجانبيه. عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله (ص)
____________________
(١) يخرز.
(٢) الدكة : ما يُقعد عليه. وهي التّي تُسمى مصطبة اليوم.