المجلس الرّابع والأربعون بعد المئة
لمّا كان يوم الجمل ، برز عمرو بن يثربي الضبّي ـ وكان فارس أهل الجمل وشجاعهم ـ فخرج إليه علباء بن الهيثم من أصحاب أمير المؤمنين (ع) فقتله عمرو ، ثُمّ دعا إلى البراز فخرج إليه هند الجملي فقتله عمرو ، ثُمّ دعا إلى البراز ، فقال زيد بن صوحان العبدي لعلي (ع) : يا أمير المؤمنين ، إنّي رأيت يداً أشرفت عليّ من السّماء وهي تقول : هلمّ إلينا. وأنا خارج إلى ابن يثربي ، فإذا قتلني فادفني بدمي ولا تغسلني ، فإنّي مخاصم عند ربّي. ثُمّ خرج فقتله عمرو. ثُمّ طلب المبارزة ، فقيل : برز إليه عمّار بن ياسر والنّاس يسترجعون ؛ لأنّه كان أضعف مَن برز إليه ، فضربه عمرو فنشب سيفه في درقة عمّار ، وضربه عمّار فصرعه ، ثُمّ جرّه برجله حتّى أتى به عليّاً (ع) ، فقال : يا أمير المؤمنين ، استبقني اجاهد بين يديك. فقال : «أَبعد زيد وهند وعلباء استبقيك؟! لاها الله». قال : فادن منّي اسارّك. فاعرض عنه أمير المؤمنين (ع) ، فقال : أما والله ، لو وصلت إليك لعضضت أنفك عضّة أبنته منك. فأمر أمير المؤمنين (ع) فضربت عنقه. وقيل : لمّا برز قال للأزد : إنّي قد وترت القوم وهم قاتلي ، ولست أخشى أنْ اُقتل حتّى اُصرع ، فإنْ صُرعت فاستنقذوني. فقالوا له : ما نخاف عليك إلاّ الأشتر. قال : فإيّاه أخاف. فخرج الأشتر وهو يقول :
إنّي إذا ما الحربُ أبدتْ نابَها |
|
وغلّقتْ يومَ الوغى أبوابَها |
ومزّقتْ من حَنقٍ أثوابَها |
|
كُنّا قداماها ولا أذنابَها |
ليس العدوُّ دونَنا أحابَها |
|
مَن هابَها اليومَ فلنْ أهابَها |
لا طعنَها أخشى ولا ضرابَها
ثُمّ حمل عليه الأشتر فطعنه فصرعه ، وحامت عنه الأزد فاستنقذوه ، فوثب وهو