المجلس الخمسون بعد المئة
اجتمع عند معاوية بصفّين ليلةً عتبة بن أبي سفيان والوليد بن عقبة ومروان بن الحكم وغيرهم ، فقال عتبة : إنّ أمرنا وأمر علي لعجب! ليس منّا إلاّ موتور ؛ أمّا أنا فقتل جدّي وشرك في دم عمومتي يوم بدر ؛ وأمّا أنت يا وليد ، فقتل أبوك يوم الجمل وأيتم إخوتك ؛ وأمّا أنت يا مروان ، فكما قال الشاعر :
وأفَلتَهُنَّ (١) عِلباءٌ (٢) جَريضاً (٣) |
|
ولو أدرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطابُ (٤) |
قال معاوية : هذا الإقرار فأين الغير؟ قال مروان : أيّ غير تريد؟ قال : اُريد أنْ يشجر بالرماح. فقال : والله ، إنّك لهازل ولقد ثقلنا عليك. فقال الوليد بن عقبة في ذلك :
يقولُ لنا معاويةُ بنُ حربٍ |
|
أمَا فيكُمْ لِواترِكُمْ طَلُوبُ |
يشدُّ على أبي حسنٍ عليٍّ |
|
بأسمرَ لمْ تُهجِّنهُ الكُعوبُ |
فقلتُ لهُ أتلعبُ يابنَ هندٍ |
|
كانَّك وسْطَنا رجلٌ غريبُ |
أتأمرُنا بحيَّةِ بطنِ وادٍ |
|
إذا نَهشَتْ فليس لها طبيبُ |
وما ضَبُعٌ أقام ببطنِ وادٍ |
|
اُتيح له بهِ أسدٌ مَهيبُ |
بأضعفَ حيلةً منّا إذا ما |
|
لَقيناه وذا منَّا عَجيبُ |
سِوى عمرٍو وقَتْهُ خُصيتاهُ |
|
نجا ولِقلبِهِ منها وَجيبُ |
_____________________
(١) انفلت منهن.
(٢) اسم رجل.
(٣) الجريض : المغموم.
(٤) الوطاب : جمع وطب ، وهو سقاء اللبن. وصفرت الوطاب : أي خلت من اللبن ، ويكنّى به عن الموت. يقال : صفرت وطابه : أي مات أو قُتل. وهذا البيت ضربه كالمثل لمروان ، أي : أنّه أفلت يوم الجمل بآخر رمق ، ولو أدركه علي (ع) لقتله. ـ المؤلّف ـ