المجلس الحادي والستّون بعد المئة
في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : إنّ معاوية دعا بُسر بن أبي أرطأة ، وكان قاسي القلب ، فظّاً سفّاكاً للدماء ، لا رأفة عنده ولا رحمة ، فأمره أنْ يذهب إلى المدينة ومكّة واليمن ، وقال له : اقتل شيعة علي حيث كانوا. فمضى في ألفين وستمئة حتّى دخل المدينة ، وعامل علي (ع) عليها أبو أيوب الأنصاري ، فخرج عنها هارباً. ودخلها بُسر ، فشتمهم وهدّدهم وأحرق دوراً كثيرة ، ثمّ خرج إلى مكّة وقتل في طريقه رجالاًَ وأخذ أموالاً ، فلمّا قرب من مكّة ، هرب قثم بن العبّاس عامل علي (ع) عليها ، ودخل بُسر ، فشتم أهلها وأنّبهم ، ثمّ خرج إلى الطائف ، ثمّ خرج منها إلى اليمن ، فقتل أبا كرب الهمداني سيّدَ مَن بالبادية من همدان ، وكان يتّشيع. وكان الذين قتلهم بُسر في وجهه ذلك ثلاثين ألفاً ، وحرق قوماً بالنّار ، وأتى صنعاء فهرب منها عبيد الله بن العبّاس ، ودخلها بُسر ، فأخذ ولدين صغيرين لعبيد الله بن العبّاس ، فذبحهما على درج صنعاء. قال المبرد في الكامل : فيقال : أنّه أخذهما من تحت ذيل اُمّهما فقتلهما ، فقالت اُمّهما :
ها مَنْ أحسَّ بابنَي اللَذَينِ هُمَا |
|
كالدُّرَّتينِ تشظَّى عنهُما الصَّدَف |
ها مَنْ أحسَّ بابنَي اللَذَينِ هُمَا |
|
سمْعِي وقلبي فقلبي اليومَ مُختطَف ُ |
ها مَنْ أحسَّ بابنَي اللَذَينِ هُمَا |
|
مُخُّ العظامِ فمخِّي اليوم مزدهَف |
نُبّئتُ بُسراً وما صدَّقتُ ما زَعِموا |
|
منْ قِيلهمْ ومن الإفكِ الذي اقتَرفُوا |
أنحَى على وَدَجَي طفلَيَّ مُرهَفةً |
|
مَشحُوذةً وكذاك الإثمُ يُقتَرفُ |
مَنْ دلَّ والهةً حرَّى مُفجَّعةً |
|
على صبيَّين ضلاّ إذ مضَى السَّلفُ |
وقد اتّخذ أتباع بني اُميّة ذبح الأطفال عادة لهم ؛ بغياً منهم وعتوّاً حتّى آل الأمر