المجلس السّادس والستّون بعد المئة
في العقد الفريد ، وبلاغات النّساء ، قال : حبس مروان ، وهو والي المدينة ، غلاماً في جناية ، فأتته اُمّ سنان بنت خيثمة المذحجيّة ، جدّة الغلام : اُمّ أبيه ، فكلّمته فيه ، فأغلظ لها ، فخرجت إلى معاوية ، فدخلت عليه فعرفها ، فقال لها : مرحباً يابنة خيثمة ، ما أقدمك أرضنا ، وقد عهدتك تشتميننا ، وتحضّين علينا عدونا؟! قالت : إنّ لبني عبد مناف أخلاقاً طاهرةً ، وأحلاماً وافرةً ، لا يجهلون بعد علم ، ولا يسفهون بعد حلم ، ولا ينتقمون بعد عفو ، وإنّ أولى النّاس باتّباع ما سَنّ آباؤه لأنت. قال : صدقت ، فكيف قولك :
عَزَب الرُّقادُ فمقْلَتي لا تَرقدُ |
|
والليلُ يُصدِرُ بالهُمومِ ويُورد ُ |
يا آلَ مَذْحجَ لا مُقامَ فشَمِّروا |
|
إنّ العدوَّ لآلِ أحمدَ يَقصد |
هذا عليٌّ كالهِلالِ تَحُفُّهُ |
|
وسطَ السَّماءِ منَ الكواكبِ أسعد |
خيرُ الخلائقِ وابنُ عمِّ محمّدٍ |
|
إنْ يهدكُمْ بالنُّورِ منهُ تَهتَدُوا |
ما زالَ مُذْ عرفَ الحُروبَ مُظَفَّراً |
|
والنَّصرُ فوقَ لِوائِهِ ما يُفْقَد ُ |
قالت : كان ذلك ، وأرجو أنْ تكون لنا خَلفاً. فقال رجل من جلسائه : كيف ، وهي القائلة :
إمَّا هلكتَ أبا الحُسينِ فلَمْ تَزلْ |
|
بالحقِّ تُعْرَفُ هادياً مهْدِيّا ُ |
فاذهَبْ عليك صلاةُ ربِّكَ ما دَعَتْ |
|
فوقَ الغُصونِ حمامةٌ قُمْريّا |
قدْ كُنتَ بعدَ مُحمّدٍ خَلَفاً كما |
|
أوصَى إليكَ بنا فكُنتَ وفيّا |
فاليوم لا خلفاً نُؤمِّلُ بعدَهُ |
|
هيهات نمدحُ بعدَهُ إنسيّا |
قالت : لسان نطق وقول صدق ، ولئن تحقق ما ظننّا ، فحظّك الأوفر. والله ، ما ورثك الشنآن في قلوب المسلمين إلاّ هؤلاء ، فادحض مقالتهم وأبعد منزلتهم ؛ فإنّك إنْ فعلت