المجلس السّبعون بعد المئة
في العقد الفريد ، بسنده : إنّ أروى بنت الحارث بن عبد المطلب دخلت على معاوية ، وهي عجوز كبيرة ، فلمّا رآها معاوية ، قال : مرحباً بك وأهلاً يا خالة ، فكيف كنت بعدنا؟ فقالت يابن أخي ، لقد كفرتَ يد النعمة ، وأسأت لابن عمّك الصُحبة ، وتسمّيت بغير اسمك ، وأخذت غير حقّك ، من غير دين كان منك ولا من آبائك ، ولا سابقة في الإسلام بعد أنْ كفرتم برسول الله (ص) ، فأتعس الله منكم الجدود ، وأضرع منكم الخدود ، وردّ الحقّ إلى أهله ولو كره المشركون. وكانت كلمتنا هي العليا ، ونبيّنا (ص) هو المنصور ، فوليتم علينا من بعده ، وتحتجّون بقرابتكم من رسول الله (ص) ، ونحن أقرب إليه منكم وأولى بهذا الأمر ، فكنّا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ، وكان علي (ع) بعد نبيّنا (ص) بمنزلة هارون من موسى ، فغايتنا الجنّة ، وغايتكم النّار. فقال لها عمرو بن العاص : كُفّي أيتها العجوز الضالّة ، واقصري عن قولك مع ذهاب عقلك ، إذ لا تجوز شهادتك وحدك. فقالت له : وأنت يابن النّابغة ، تتكلم واُمّك كانت أشهر امرأة تُغنّي بمكّة ، وآخذهنّ لاُجرة! إدعاك خمسةُ نفرٍ من قريش ، فسُئلت اُمّك عنهم ، فقالت : كلّهم أتاني ، فانظروا أشبههم به. فألحقوه به ، فغَلب عليك شبه العاص بن وائل ، فلحقت به. فقال مروان : كُفّي أيتها العجوز ، واقصري لما جئت له. فقالت : وأنت أيضاً يابن الزرقاء ، تتكلم! ثمّ التفتت إلى معاوية ، فقالت : والله ، ما جرّأ عليّ هؤلاء غيرك ، فإنّ اُمّك القائلة في قتل حمزة :
نحنُ جزيْناكُمْ بيَومِ بدْرِ |
|
والحرْبُ بعدَ الحرْبِ ذاتَ سَعْرِ |
ما كانَ عنْ عُتبةَ ليْ مِنْ صبْرِ |
|
وشُكْر وحشيٍّ عليَّ دَهْري |
حتى ترمَّ أعظُمِي في قبري
فأجابتها بنت عمّي ، وهي تقول :