المجلس السّابع عشر
في مناقب ابن شهر آشوب ، عن عبد الله بن عمير والحاكم والعبّاس قالوا : خطب الحسن (ع) عائشة بنت عثمان ، فقال مروان : اُزوّجها عبد الله بن الزّبير. فلما قُبض الحسن (ع) ومضت أيام من وفاته ، كتب معاوية إلى مروان ـ وهو عامله على الحجاز ـ يأمره أنْ يخطب اُمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد. فأتى عبدَ الله بن جعفر فأخبره بذلك ، فقال عبد الله : إنّ أمرها ليس إليّ إنما هو إلى سيّدنا الحسين (ع) وهو خالها ، فأخبر الحسين (ع) بذلك ، فقال : «أستخير الله تعالى. اللهمَّ ، وفّق لهذه الجارية رضاك من آل محمّد». فلمّا اجتمع النّاس في مسجد رسول الله (ص) ، أقبل مروان حتّى جلس إلى الحسين (ع) وعنده من الجِلّة وقال : إنّ أمير المؤمنين معاوية أمرني أنْ أخطب اُمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد ، وأنْ أجعل مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ ، مع صلح ما بين هذين الحَييّن ، مع قضاء دَين أبيها. واعلم أنّ مَن يغبطكم بيزيد أكثر ممَّن يغبطه بكم. والعَجب كيف يستمهر يزيد وهو كفو من لا كفو له وبوجهه يستسقى الغمام؟! فردْ خيراً يا أبا عبد الله. فقال الحسين (ع) : «الحمد لله الذي اختارنا لنفسه وارتضانا لدينه واصطفانا على خلقه» ثمّ قال (ع) : «يا مروان ، قلت فسمعنا ؛ أمّا قولك مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ ، فلعمري ، لو أردنا ذلك ما عدونا سنّة رسول الله (ص) في بناته ونسائه وأهل بيته ؛ وهو اثنتا عشرة أوقية ، يكون أربعمئة وثمانين درهماً ؛ وأمّا قولك مع قضاء دَين أبيها ، فمتى كنّ نساؤنا يقضين عنّا ديوننا؟ وأمّا صلح ما بين هذين الحييّن ، فإنّا قوم عاديناكم في الله فلم نكنْ نصالحكم للدنيا ، فلعمري ، لقد أعيا النسب فكيف السبب ؛ وأمّا قولك العجب ليزيد كيف يستمهر ، فقد استمهر مَن هو خير من يزيد ومن أبي يزيد ومن جدّ يزيد ؛ وأمّا قولك أنّ يزيد كفو مَن لا كفو له ، فمَن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه اليوم ، ما زادته إمارته في الكفاءة شيئاً ؛ وأمّا قولك بوجهه يستسقى الغمام ، فإنّما كان ذلك بوجه رسول الله (ص) ؛ وأمّا قولك مَن يغبطنا به أكثر ممَن يغبطه بنا ، فإنّما يغبطنا به أهل الجهل