المجلس التاسع والثمانون بعد المئة
روى مسلم في (صحيحه) ، وأحمد بن حنبل في (مسنده) بسنديهما ، عن زيد بن أرقم قال : قام رسول الله (ص) فينا خطيباً بماء يُدعى : خماساً ، بين مكّة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكّر ، ثمّ قال (ص) : «أمّا بعد ، أيّها النّاس ، فإنّما أنا بشر يوشك أنْ يأتيني رسول ربّي فاُجيب ، وأنا تاركٌ فيكم ثِقْلين ؛ أوّلهما كتاب الله فيه الهدى ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به». فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال (ص) : «وأهل بيتي ، اُذكّركم الله في أهل بيتي! اُذكّركم الله في أهل بيتي! اُذكّركم الله في أهل بيتي!». فقال الراوي : ومَن أهل بيته يا زيد؟ نساؤه من أهل بيته؟ فقال : لا ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. وروى مسلم حديث الثقلين بثلاثة طرق اُخرى ، وفي أحدهما قلنا : منْ أهل بيته نساؤه؟ قال : لا ، إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثمّ يُطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها. أهل بيته أصلُه وعصبته. وأخرج أحمد بن حنبل في (مسنده) حديث الثقلين بعدّة طرق ، عن النّبي (ص) أنّه قال : «إنّي قد تركتُ فيكم ما إنْ أخذتم به ـ أو تمسكتم به ـ لنْ تضلَوا بعدي ، الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ؛ كتاب الله عزَّ وجل حبلٌ ممدودٌ من السّماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لَنْ يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا بِمَ تُخلّفوني فيهما؟» أو «كيف تُخلّفوني فيهما؟». دلّت هذه الأحاديث على عصمة أهل البيت عليهمالسلام ؛ لأنّه عليه الصلاة والسّلام أوجب التمسك بالعترة كما أوجب التمسك بالكتاب ، وأخبر أنّ المتمسك بهما لنْ يضلّ ، وأنّهما لنْ يفترقا ، فلا يفارق الكتاب العترةَ ، ولا تفارق العترةُ الكتابَ إلى يوم القيامة ، ولا يكون ذلك إلاّ مع عصمة العترة. فدلّ على أنّ المراد بالعترة : ليس جميع بني هاشم ؛ لأنّ كثيراً منهم تصدر منهم الذنوب ، ويفارقون القرآن ، فالمتمسك بهم لا يأمن من الضلال ، بل هم الأئمة الاثنا عشر ؛ للاتّفاق على عدم عصمة غيرهم من بني هاشم. وقد دلّ قوله (ص) : «أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». على وجود إمام معصوم من العترة في كلّ زمان ، ولا