المجلس الثامن عشر
قال الامام الرضا (ع) : «إنّ المحرّم شهر كان أهل الجاهليّة فيما مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال ، فاستُحلّت فيه دماؤنا ، وهُتكت فيه حرمتنا ، وسُبي ذرارينا ونساؤنا ، واُضرمت النيران في مضاربنا وانتهب منها ثقلنا ، ولم ترعَ لرسول الله (ص) حرمة في أمرنا. إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا وأسال دموعنا ، وأذلّ عزيزنا بأرض كرب وبلاء ، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء ؛ فعلى مثل الحسين فليبك الباكون». ثم قال الامام (ع) : «كان أبي إذا دخل شهر المحرّم لا يرى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى تمضي منه عشرة أيّام ، فإذا كان اليوم العاشر ، كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه جدّي الحسين (ع)». وقال الامام الرضا (ع) : «مَن ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء ، قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة. ومَن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، جعل الله عزّ وجلّ يوم القيامة يوم فرحه وسروره ، وقرّت بنا في الجنان عينه. ومَن سمَّ يوم عاشوراء يوم بركة وادّخر فيه لمنزله شيئاً ، لم يبارك له فيما ادّخر ، وحُشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد لعنهم الله إلى أسفل درك من النار». أقول : وأمّا اتخاذ يوم عاشوراء يوم عيد وفرح وسرور فهي سنّة اُمويّة ، وقد اتّبعها مَن اتّبعها جهلاً بالحال ، وإلاّ فلا يُظنّ بمسلم أنّه يفرح في يوم قتل ابن بنت نبيّه (ص) ، الذي لو كان حياًّ لكان هو المعزّى به والباكي عليه كما بكى عليه في حياته.
يا يومَ عاشوراء كمْ لكَ غلةً |
|
تترقّصُ الأحشاءُ منْ إيقادِها |
ما عُدْتَ إلإَ عاد قلبي لوعة |
|
حرّى ولو بالغتُ في إبرادِها |
مِثلُ السّليمِ مضيضةٌ آناؤهُ |
|
خُزرُ العيونِ تعودُهُ بعيادِها |
كانتْ مآتمُ بالعراقِ تعدّها |
|
اُمَويّةٌ بالشّامِ منْ أعيادِها |