المجلس الخامس والتسعون بعد المئة
قال الله تعالى في سورة المائدة : (إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالّذِينَ آمَنُوا فَإِنّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) اتّفق المفسرون على أنّها نزلت في حقّ علي بن أبي طالب (ع) حين مرّ سائل ، وهو راكع ، في المسجد فأعطاه خاتمه. ورُوي في الجمع بين الصحاح الستّة من صحيح النسائي ، عن ابن سلام ، قال : أتينا رسول الله (ص) ، فقلنا : إنّ قومنا حادّونا لمّا صدّقنا الله ورسوله ، وأقسموا أنْ لا يُكلّمونا. فأنزل الله تعالى : (إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ). ثُمّ أذّنَ بلال لصلاة الظهر ، فقام النّاس يُصلّون ؛ فمِنْ بين ساجد وراكع وسائل ، إذ سائل يسأل ، فأعطاه علي (ع) خاتمه وهو راكع ، فأخبر السّائل رسول الله (ص) ، فقرأ علينا رسول الله (ص) : (إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ...) إلى آخر الآية. وروى الثعلبي في تفسيره بسنده : إنّ أبا ذر ـ رضي الله عنه ـ قال : أيّها النّاس مَن عرفني فقد عرفني ، ومَن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري ، أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول الله (ص) بهاتين ـ وإلاّ صُمّتا ـ ورأيته بهاتين ـ وإلاّ فعميتا ـ يقول : «عليٌّ قائد البررة ، وقاتل الكفرة ، منصور مَن نصره ، مخذول مَن خذله». أما إنّي صلّيت مع رسول الله (ص) يوماً من الأيام صلاة الظهر ، فسأل سائل في المسجد فلَمْ يعطِه أحد ، فرفع السّائل يده إلى السّماء ، وقال : اللهمّ ، اشهد إنّي سألت في مسجد رسول الله (ص) فلمْ يعطني أحدٌ شيئاً. وكان علي راكعاً ، فأومأ إليه بخنصره اليُمنى ـ وكان يتختّم فيها ـ ، فأقبل السّائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره ، وذلك بعين النّبي (ص) ، فلمّا فرغ [النبيُّ] من صلاته ، رفع رأسه إلى السّماء ، وقال : «اللهمّ ، موسى سألك فقال : (رَبّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً من لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ