المجلس الحادي بعد المئتين
ذكر ابن أبي الحديد : إنّ القول بتفضيل علي (ع) قول قديم قد قال به كثير من الصحابة والتابعين ، وعُدّ من الصحابة خمسة عشر رجلاً ، ثُمّ قال : وكان من بني اُميّة قوم يقولون بذلك ، منهم : خالد بن سعيد بن العاص ، وعمر بن عبد العزيز. قال : وأنا أذكر هنا الخبر المروي المشهور عن عمر بن عبد العزيز ، وهو من رواية ابن الكلبي ، قال : بينا عمر بن عبد العزيز جالساً دخل حاجبه ، ومعه امرأة ورجلان متعلّقان بها ، ومعهم كتاب من ميمون بن مهران إلى عمر فيه : أمّا بعد ، فإنّه ورد علينا أمر ضاقت به الصدور ، وعجزت عنه الأوساع ، وهربنا بأنفسنا عنه ووكّلناه إلى عالمه ، لقوله تعالى : (وَلَوْ رَدّوهُ إِلَى الرّسُولِ وَإِلَى اُولِي الأَمْرِ) وهذه المرأة والرجلان أحدهما زوجها والآخر أبوها ، وإنّ أباها زعم أنّ زوجها حلف بطلاقها أنْ علي بن أبي طالب (ع) خير هذه الاُمّة ، وأولاها برسول الله (ص) ، ويزعم أنّ ابنته طُلقت منه. والزوج يقول له : كذبت وأثمت ، لقد برّ قسمي وصدقت مقالتي ، وإنّها امرأتي على رغم أنفك وغيظ قلبك. فاجتمعوا إليّ يختصمون ، وتسامع النّاس فاجتمعوا ، وقد علمت يا أميرالمؤمنين ، اختلاف النّاس في أهوائهم وتسرّعهم إلى ما فيه الفتنة ، فأحجمنا عن الحكم لتحكم فيما أراك الله. وكتب في أسفل الكتاب :
إذا ما المشكلاتُ وردنَ يوماً |
|
فحارتْ في تأمّلها العيونُ |
وضاقَ القومُ ذَرْعاً من نباهَا |
|
فأنتَ لها أبا حفصٍ أمينُ |
لأنّك قدْ حويتَ العِلمَ طُرّاً |
|
وأحكَمكَ التَّجاربُ والشؤونُ |
وخلَّفكَ الإلهُ على الرَّعايا |
|
فحظُّكَ فيهمُ الحظُّ الثَّمينُ |
فجمع عمر بن عبد العزيز بني هاشم وبني اُميّة وأفخاذ قريش ، ثمّ قال لأبي المرأة :