المجلس الثاني بعد المئتين
قال الله تعالى في سورة الأحزاب : (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً * إِذْ جَآءُوكُمْ من فَوْقِكُمْ وَمن أَسْفَلَ منكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنّونَ بِاللّهِ الظّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمنونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ مّا وَعَدَنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً) إلى قوله تعالى : (وَلَمّا رَأَى الْمُؤْمنونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هذَا مَا وَعَدَنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً * من الْمُؤْمنينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فَمنهُم مّن قَضَى نَحْبَهُ وَمنهُم مّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدّلُوا تَبْدِيلاً * لّيَجْزِيَ اللّهُ الصّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنّ اللّهِ كَانَ غَفُوراً رّحِيماً * وَرَدّ اللّهُ الّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللّهُ الْمُؤْمنينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً) نزلت هذه الآية في وقعة الأحزاب ، وتُسمّى : وقعة الخندق ، وكانت سنة خمس من الهجرة ، وسببها أنّه كان بنواحي المدينة ثلاثة بطون من اليهود ، وأصلهم من يهود فلسطين الذين جاؤوا إلى الحجاز ، وهم : بنو قينقاع وبنو النّضير وبنو قُريظة ، وكان بينهم وبين النّبي (ص) معاهدة ومهادنة ، فنقصوا العهد جميعهم ، وأوّل مَن نقضه بنو قينقاع فنفاهم إلى أذرعات ، ثُمّ نقضه بنو النّضير ، أرادوا أنْ يلقوا صخرة على النّبي (ص) من فوق سطح ، فأخبره جبرائيل بذلك فقام ، ثمّ قال لهم : «اخرجوا من بلادي ولا تُساكنوني». فامتنعوا فحاصرهم. وجاء رجل من شجعانهم ليلاً ليغتال النّبي (ص) ، ومعه تسعة أنفس ، فقتله علي (ع) وهربت التسعة ، فأخذ علي (ع) معه جماعة ولحقوهم فقتلوهم ، فعند ذلك استولى الخوف على بني النّضير ، فطلبوا من النّبيّ (ص) أنْ
_____________________
(١) تقدّمت وقعة الأحزاب في الجزء الثاني ، وأعدناها لزيادات لمْ تُذكر هناك.