المجلس الرابع بعد المئتين
من وصيّة لأمير المؤمنين (ع) للحسن والحسين عليهماالسلام ، لمّا ضربه ابن ملجم ـ لعنه الله ـ : «اُوصيكما بتقوى الله ، وأنْ لا تبغيا الدّنيا وإنْ بغتكما ، ولا تأسفا على شيء منها زوي عنكما ، وقولا بالحقّ واعملا للأجر ، وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً. اُوصيكما وجميع ولدي وأهلي ، ومَن بلغه كتابي هذا من المؤمنين ، بتقوى الله ونظم أمركم ، وصلاح ذات بينكم ؛ فإنّي سمعت جدّكما (ص) يقول : صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة والصيام. والله الله في الأيتام! فلا تغبّوا (١) أفواههم ، ولا يضيعوا بحضرتكم». بأبي واُمّي يا أمير المؤمنين! توصي ولديك الحسنين عليهماالسلام بالأيتام ، فليتك لا غبت عن أيتام ولدك الحسين (ع) ليلة العاشر من المُحرّم وقد باتوا جياعى عطاشى ، بلا محامٍ ولا كفيل سوى العليل زين العابدين (ع) الذي نهكته العلّة فلا يستطيع النهوض ، وابنتك زينب عليهاالسلام التي قامت تجمع العيال والأطفال وتحرسهم تلك الليلة ، وقد أحرق القوم الخيام ونهبوا ما فيها ، ولا شك أنّهم باتوا تلك الليلة على وجه الأرض بلا غطاءٍ ولا وطاءٍ تحت السّماء ، وهم ينظرون إلى القتلى مجزّرة كالأضاحي جثثاً بلا رؤوس.
مُجرَّدينَ على الرَّمضَاءِ قدْ لبسُوا |
|
منَ المهابَةِ أثواباً لها قُشُبَا |
مُغسَّلينَ بمحمرِّ النَّجيعِ بنَى |
|
نبلُ العِدى والقنا منْ فوقِهمْ قُبَبا |
والله الله في جيرانكم! فإنّهم وصية نبيّكم ، ما زال يوصي بهم حتّى ظننا أنّه سيورّثهم ، والله الله في القرآن! لا يسبقكم بالعمل به غيركم ، والله الله في الصلاة! فإنّها عمود دينكم ، والله الله في بيت ربّكم! لا تخلوه ما بقيتم ؛ فإنّه إنْ تُرك لَمْ تناظروا ، والله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله! وعليكم بالتّواصل والتباذل
____________________
(١) أغبّ القوم : جاءهم يوماً وترك يوماً ، أي : لا تقطعوا الطعام عن أفواههم. ـ المؤلّف ـ