الحسين قد قُتل في مثل هذا اليوم؟». فبكيت لبكائه وحزنت لحزنه ، فقلت له : يا سيّدي ، فما الذي أفعل في مثل هذا اليوم؟ فقال : «يابن وهب ، زر الحسين (ع) من بعيد أقصى ومن قريب أدنى ، وجدّد الحزن عليه ، وأكثر البكاء والشجو له». فقلت له : يا سيّدي ، لو أنّ الدعاء الذي سمعته منك وأنت ساجد كان لمَن لا يعرف الله تعالى ، لظننت أنّ النّار لا تطعم منه شيئاً. والله ، لقد تمنّيت أنّي كنت زرته قبل أنْ أحجّ. فقال لي : «فما يمنعك من زيارته يابن وهب ولم تدع ذلك؟». فقلت : جعلت فداك! لم أدر أنّ الأجر يبلغ هذا كلّه حتّى سمعت دعاءك لزوّاره. فقال لي : «يابن وهب ، إنّ الذي يدعو لزوّاره في السّماء أكثر ممَّن يدعو لهم في الأرض ، فإيّاك أنْ تَدَع زيارته لخوفٍ من أحد ؛ فمَن تركها لخوف من أحد رأى الحسرة والندم. يابن وهب ، أما تُحب أنْ يرى الله شخصك؟ أما تحب أنْ تكون غداً ممَّن يصافحه رسول الله (ص) يوم القيامة؟». قلت : يا سيّدي ، فما قولك في صومه من غير تبييت؟ فقال لي : «لا تجعله صوم يوم كامل ، وليكن إفطارك بعد العصر بساعة على شربة من ماء ، فإنّه في ذلك الوقت انجلت الهيجاء عن آل الرسول وانكشفت الغمّة عنهم ، ومنهم في الأرض ثلاثون قتيلاً ، يعزّ على رسول الله (ص) مصرعهم. ولو كان حيّاً لكان هو المعزّى بهم». قال : وبكى الصادق (ع) حتّى اخضلّت لحيته بدموعه ، ولم يزل حزيناً كئيباً طول يومه ذلك وأنا معه أبكي لبكائه وأحزن لحزنه.
مصيبةٌ أسعَرَتْ في القلب نارَ جَوَى |
|
يُزيدُها مُستمِرُ الذّكرِ تسعيرَا |
يا آلَ أحمدَ كمْ حلّتْ فجائعُكُمْ |
|
وكاءَ عيني بدمعٍ ليسَ مَنزُورَا |