المجلس الثامن بعد المئتين
عن الإمام موسى بن جعفر عن أبيه عن جدّه عن علي بن الحسين عليهمالسلام ، قال : «بينما أمير المؤمنين (ع) جالسٌ ذاتَ يوم مع أصحابه يُعبّئهم للحرب ، إذ أتاه شيخ عليه هيئة السّفر فسلّم عليه ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ، إنّي أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير ، قد سمعت فيك من الفضل ما لا اُحصيه ، فعلّمني ما علّمك الله. قال : نعم يا شيخ ، مَن اعتدل يوماه فهو مغبون ، ومَن كانت الدنيا همّته كثُرت حسرته عند فراقها ، ومَن كان غده شرّاً من يومه فمحروم ، ومَن لمْ يُبالِ ما ذهب من آخرته إذا سلمت دنياه فهو هالك. يا شيخ ، مَن خاف البيات قَلّ نومُه ، ما أسرع الليالي والأيام في عمر العبد! فاخزن لسانك وعد كلامك. يا شيخ ، ارضَ للناس ما ترضى لنفسك ، وائت إلى النّاس ما تُحبّ أنْ يُؤتى إليك. ثمّ أقبل على أصحابه ، فقال : أيّها النّاس ، أمَا تَرَون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتّى؟ فبين صريع يتلوّى ، وبين عائد ومعود ، وآخر بنفسه يجود ، وطالب للدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وعلى أثر الماضي يصير الباقي. فقال له زيد بن صوحان العبدي : يا أمير المؤمنين ، أيّ سلطان أغلب وأقوى؟ قال : الهوى. قال : فأيّ ذُلّ أذل؟ قال : الحرص على الدنيا. قال : فأيّ فقر أشد؟ قال : الكفر بعد الإيمان. قال : فأيّ عمل أفضل؟ قال : التّقوى. قال : فأيّ صاحب أشرّ؟ قال : المُزيّن لك معصية الله. قال : فأيّ الخلق أشقى؟ قال : مَن باع دينه بدنيا غيره. قال : فأيّ النّاس أحمق؟ قال : المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلّب أحوالها. قال : فأيّ النّاس أشدّ حسرة؟ قال : الذي حُرم الدنيا والآخرة ، ذلك هو الخسران المبين. قال : فأيّ الخلق أعمى؟ قال : الذي عمل لغير الله يطلب من عمله الثوابَ من عند الله. قال : فأيّ المصائب أشد؟ قال : المصيبة بالدِّين. قال : فأيّ النّاس خير عند الله؟ قال : أخوفهم له ، وأعملهم بالتّقوى ، وأزهدهم في الدنيا. قال : فأي الكلام أفضل عند الله؟ قال : كثرة ذكره ، والتّضرع إليه ، ودعائه. ثُمّ أقبل (ع) على الشيخ ، فقال : يا شيخ ، إنّ الله عزّ