المجلس العشرون بعد المئتين
قال الله تعالى مُخاطباً نبيّه (ص) : (فَأَمّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) أي : لا تقهره على ما له فتذهب بحقّه لضعفه كما كانت تفعل العرب في أمر اليتامى. والخطابُ للنبيِّ (ص) والمراد جميع المُكلّفين. وكان النّبي (ص) يُحسن إلى اليتامى ويبرّهم ويُوصي بهم. وأتى النّبيَّ (ص) غلامٌ ، فقال : غلامٌ يتيمٌ ، واُخت لي يتيمة ، واُمّ لي أرمَلة ، أطعمنا ممّا أطعمك الله ، أعطاك الله ممّا عنده حتّى ترضى. قال : «ما أحسن ما قلتَ يا غُلام! اذهب يا بلال فائتنا بما كان عندنا». فجاء بواحدة وعشرين تمرة ، فقال (ص) : «سبعٌ لك ، وسبعٌ لاُختك ، وسبعٌ لاُمّك». فقام إليه معاذ بن جبل فمسح رأسه ، وقال : جَبرَ اللهُ يتمك ، وجعلك خلفاً من أبيك ـ وكان من أبناء المهاجرين ـ. فقال رسول الله (ص) : «رأيتُك يا معاذ وما صنعت». قال : رحمته. قال (ص) : «لا يلي أحدٌ منكم يتيماً فيُحسن ولايته ، ووضع يده على رأسه إلاّ كتب الله له بكلِّ شعرةٍ حسنة ، ومحى عنه بكلِّ شعرةٍ سيئة ، ورفع له بكلِّ شعرة درجة». وعنه (ص) : «مَن مسح على رأس يتيم ، كان له بكلِّ شعرةٍ تمرُّ على يده نورٌ يوم القيامة». وقال (ص) : «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة إذا اتّقى الله عزّ وجل». وأشار بالسّبابة والوسطى. وعنه (ص) : «إنّ اليتيم إذا بكى اهتزّ لبكائه عرش الرّحمن». فليت رسول الله (ص) لا غاب عن يتامى ولده أبي عبد الله الحسين (ع) ليلة الحادي عشر من المُحرّم حين باتوا عطاشى جياعى ، بلا محامٍ ولا كفيل ، قد علا بكاؤهم وارتفع صراخهم لفقد الكافل والمحامي ، وهم يرون كافلهم والمحامي عنهم ملقىً على وجه الصّعيد جثّة بلا رأس ، وكفيلهم بعده زين العابدين (ع) عليل مريض لا يستطيع النّهوض ، وليس عندهم غير نساء دأبهنَّ النّوح والبكاء ، ولكن زينب العقيلة ، لبوة أمير المؤمنين (ع) ، قامت باُمورهم ، فمرّضت العليل ، وسكّتت الطّفل ، وسلّت الحزين ، وقامت في ذلك مقام الرّجال.
هذي يتاماكُمْ تلوذُ ببعضِها |
|
ولكمْ نساءٌ تلتجي لنِساءِ |