وَقَد كانَ فَوتُ المَوتِ سَهلاً فَرَدَّهُ |
|
إِلَيهِ الحِفاظُ المُرُّ وَالخُلُقُ الوَعرُ |
وَنَفسٌ تَعافُ العارَ حَتّى كَأَنَّهُ |
|
هُوَ الكُفرُ يَومَ الرَوعِ أَو دونَهُ الكُفرُ |
فَأَثبَتَ في مُستَنقَعِ المَوتِ رِجلَهُ |
|
وَقالَ لَها مِن تَحتِ أَخمُصِكِ الحَشرُ |
تَرَدّى ثِيابَ المَوتِ حُمراً فَما أَتى |
|
لَها اللَيلُ إِلاّ وَهيَ مِن سُندُسٍ خُضرُ |
وحقيق بمَن كان كذلك أنْ تُقام له الذّكرى في كلِّ عام ، وتبكي له العيون دماً بدل الدّموع ؛ وأيُّ رجُل في الكون قام بما قام به الحسين (ع)؟! الحسين قدّم نفسه للقتل ، وقدّم أبناءه حتّى ولده الرّضيع وإخوته ، وأبناء أخيه وأبناء عمّه للقتل ، وأمواله للنّهب وعياله للأسر ؛ ليفدي دين جدّه بنفسه وبهم ، ويستنقذه من أنْ يقضي عليه يزيد ، المُجاهر بالكفر والفجور وشرب الخمور ، والقائل :
ليتَ أشياخي ببدرٍ شَهدوا |
|
جزعَ الخزْرجِ منْ وقعِ الأسلْ |
لأهلُّوا واستهلُّوا فَرحاً |
|
ثُمَّ قالوا يا يزيدُ لا تشلْ |
لعبتْ هاشمُ بالمُلكِ فلا |
|
خبرٌ جاءَ ولا وحيٌ نزل |
الحسين مُعظَّم حتّى عند الخوارج أعداء أبيه وأخيه ، فهم يُقيمون له مراسم الذّكرى والحزن يوم عاشوراء في كلّ عام. وليس أعجب ممّن يتخذ يوم عاشوراء يوم فرح وسرور ، واكتحال وتوسعة على العيال ؛ لأخبارٍ اُفتريت في زمن المُلك العضوض اعترف بكذبها النّقاد ، وسُنّةٍ سنّها الحجّاج بن يوسف عدوُّ الله وعدوُّ رسوله. وأيُّ مُسلم تُطاوعه نفسه أو يُساعده قلبه على إظهار الفرح في يومٍ قُتل ابن بنت نبيه وريحانته ، وابن وصيه؟! وبماذا يواجه رسول الله (ص) ، وبماذا يعتذر إليه؟ وهو مع ذلك يدّعي محبّة الرّسول (ص) ، ومن شروط المحبّة الفرح لفرح المحبوب ، والحزن لحزنه. ولو أنصف باقي المسلمين ما عادَوا طريقة الشّيعة في إقامة الذّكرى للحسين (ع) كلّ عام ، وإقامة مراسم الحزن يوم عاشوراء ، فهل كان الحسين (ع) دون امرأةٍ يُقيم لها الفرنسيون الذكرى كلّ عام؟ وهل عمِلتْ لاُمّتها ما عمله الحسين (ع) لاُمّته أو دونه؟ الحسين (ع) سنّ للناس درساً نافعاً ، ونهج لهم سبيلاً مهيعاً في تعلّم الإباء والشّمم ، وطلبِ الحُرّية والاستقلال ، ومقاومة الظّلم ومعاندة الجور ، وطلب العزّ ونبذ الذّل ، وعدم المبالاة بالموت في سبيل نيل الغايات السّامية والمقاصد الغالية ، وأبان فضائح المنافقين ، ونبّه الأفكار إلى التّحلي بمحاسن الصّفات ، وسلوك طريق الاُباة والاقتداء بهم ، وعدم الخنوع للظلم والجور والاستعباد. وبكى زين العابدين (ع) على