المجلس الثّالث والثّلاثون بعد المئتين
لمّا خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية حين بلغهم أنّه يشرب الخمر ، ويضرب بالطّنابير ، وتغني عنده المُغنّيات ويلعب بالكلاب ، أرسل إليهم مسلم بن عقبة المُرّي في اثني عشر ألفاً ، فسار بهم حتّى وصل إلى المدينة ، وكان أهلها قد أمّروا عليهم عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة ؛ وذلك أنّ أباه حنظلة قُتل يوم اُحد ، فرأى النّبي (ص) الملائكة تُغسّله ؛ لأنّه كان جُنباً فسُمّي غسيل الملائكة. ووضع لمسلم بن عقبة كرسي بين الصفّين ، فجلس عليه وهو مريض ، وقال : يا أهل الشّام ، قاتلوا عن أميركم. وجعل يحرّضهم ، واشتدّ القتال ، فجعل عبد الله بن حنظلة يُقدّم أولاده واحداً بعد واحد حتّى قُتلوا بين يديه ، وكانوا ثمانية ، ثمّ كُسر غمد سيفه وقاتل حتّى قُتل ، وانهزم أهل المدينة. فقُتل بضعة وسبعون رجلاً من قريش ، وبضع وسبعون رجلاً من الأنصار ، وقُتل من النّاس نحو من أربعة آلاف ، وسُمّي مسلم بعد تلك الوقعة مُسرفاً ، وتُسمّى وقعة الحرّة وأباح مسرف المدينة ثلاثاً ؛ يقتلون النّاس وينهبون الأموال ، ويفتضّون النّساء حتّى وُلد في تلك السّنة ألف مولود لا يُعرف لهم أب ، وكان الرّجل من أهل المدينة بعد ذلك إذا أراد أنْ يُزوّج ابنته لا يضمن بكارتها ، ويقول : لعله أصابها شيءٌ في وقعة الحرَّة. وكما أرسل يزيد الجيوش لمحاصرة مدينة الرّسول (ص) ، ومحاربة أصحاب رسول الله (ص) من المهاجرين والأنصار ، فقد قاد جدّه أبو سفيان الجيوش لحرب رسول الله (ص) وأصحابه من المهاجرين والأنصار ، ومحاصرة المدينة يوم اُحد والأحزاب ، وكما قتلت جدّتُه هندٌ أسد الله حمزة ـ عمّ رسول الله (ص) ـ على يد وحشي يوم اُحد ، وبقرت بطنه ، وأكلت من كبده ومثّلت بهقتل يزيد سبطَ رسول الله (ص) على يد عمر بن سعد ، وقطع رأسه ، وأوطأ الخيل جسده ومثّل به وبأصحابه ، وعلى نهج الآباء