المجلس الثّامن والثّلاثون بعد المئتين
روي عن الصّادق (ع) أنّه قال : «كان علي بن الحسين عليهماالسلام إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبداً له ولا أمة ، وكان إذا أذنبَ العبدُ والأمةُ يكتب عنده : أذنبَ فلان ، أذنبت فلانة يوم كذا وكذا ، ولا يعاقبه حتّى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله ، ثمّ أظهر الكتاب ، ثمّ قال : يا فلان ، فعلت كذا وكذا ولم اُؤدّبك ، أتذكر ذلك؟ فيقول : بلى يابن رسول الله. حتّى يأتي على آخرهم ويُقررهم جميعاً ، ثمّ يقوم وسطهم ، ويقول لهم : ارفعوا أصواتكم وقولوا : يا علي بن الحسين ، إنّ ربك قد أحصى عليك كلَّما عملتَ كما أحصيتَ علينا كلّما عملنا ، ولديه كتابٌ ينطق عليك بالحقِّ لا يُغادر صغيرةً ولا كبيرة ممّا أتيت إلاّ أحصاها ، كما لديك كتاب ينطق بالحقِّ علينا ، لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة ممّا أتيناها إلاّ أحصاها ، وتجد كلَّما عملت لديه حاضراً كما وجدنا كلّما عملنا لديك حاضراً. فاذكر يا علي بن الحسين ، ذلَّ مقامِك بين يدي ربّك الحكم العدل ، الذي لا يظلمُ مثقالَ حبّةٍ من خردل ويأتي بها يوم القيامة ، وكفى بالله حسيباً وشهيداً. فاعفُ واصفح ، يعفُ عنك المليكُ ويصفح ؛ فإنّه يقول : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) وهو يُنادي بذلك على نفسه ويُلقِّنهم وهم ينادون معه ، وهو واقف بينهم يبكي وينوح ، ويقول : ربِّ ، إنّك أمرتنا أنْ نعفو عمّن ظَلَمنا ، وقد ظلمنا أنفسَنا ، فنحن قد عفونا عمّن ظلَمنا كما أمرتَ ، فاعفُ عنّا فإنّك أولى بذلك منّا ومن المأمورين. وأمرتنا أنْ لا نردَّ سائلاً عن أبوابنا ، وقد أتيناك سؤآلاً ومساكين ، وقد أنخْنا بفنائك وببابك نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك ، فامنُنْ بذلك علينا ولا تُخيّبنا ؛ فإنّك أولى بذلك منّا ومن المأمورين. إلهي ، كرمتَ فأكرمني إذ كنتُ من سؤآلك ، وجدتَ بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك يا كريم. ثمّ يُقبل عليهم ، ويقول : قد عفوت عنكم ، فهل عفوتم عنّي ما كان منّي إليكم من سوء مَلكة ؛ فإنّي مليكُ سوءٍ ، لئيمٌ ظالمٌ ، مملوكٌ لملك كريمٍ ، جوادٍ عادلٍ ، مُحسنٍ مُتفضّل؟ فيقولون : قد عفونا عنك يا