المجلس الحادي والأربعون بعد المئتين
في منتخب الطّريحي : حُكي عن الشّعبي الحافظ لكتاب الله تعالى ، أنّه قال : استدعاني الحجّاج في يوم عيد الأضحى ، فقال لي : أي يوم هذا؟ فقلت : هذا يوم الاُضحية. قال : بِمَ يتقرّب النّاس في مثل هذا اليوم؟ فقلتُ : بالاُضحية والصّدقة ، وأفعال البرِّ والتّقوى. فقال لي : اعلم أنّي قد عزمت أنْ اُضحِّي برجلٍ حُسيني قال الشّعبي : فبينما هو يخاطبني إذ سمعت من خلفي صوت سلسلة وحديد ، فخشيت أنْ ألتفت فيستخفّني ، وإذا قد مثل بين يديه رجلٌ علوي وفي عنقه سلسلة ، وفي رجليه قيد من حديد ، فقال له الحجّاج : ألست فلان بن فلان العلوي؟ فقال : نعم ، أنا ذلك الرجل. فقال له : أنت القائل إنّ الحسن والحسين من ذرّيّة رسول الله؟ قال : ما قلتُ ولا أقول ، ولكني أقول إنّ الحسن والحسين ولدا رسول الله على رغم أنفك يا حجّاج. قال : وكان متّكئاً فاستوى جالساً ، وقد اشتدّ غيظه وغضبه ، وانتفخت أوداجه ، ثمّ قال للرجل : يا ويلك! إنْ لم تأتني بدليل من القرآن يدلّ على ذلك قتلتُك شرَّ قتلة ، وإنْ أتيتني بما يدلّ على ذلك ، أعطيتك هذه البدرة التي بيدي وخلّيت سبيلك. قال الشّعبي : وكنت حافظاً كتاب الله كلَّه ، فلم يخطر على بالي آية تدلُّ على ذلك ، فحزنت وقلتُ في نفسي : يعزُّ عليّ والله ، ذهاب هذا الرجل العلوي. قال : فابتدأ الرجل يقرأ الآية ، فقال : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فقطع عليه الحجّاج قراءته ، وقال : لعلّك تُريد أنْ تحتجَّ عليَّ بآية المباهلة ، وهي قوله تعالى : (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ) فقال العلوي : هي والله حُجّة مؤكّدة معتمدة ، ولكنِّي آتيك بغيرها. ثمّ ابتدأ يقرأ : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى) وسكت ، فقال له الحجّاج : فلِمَ لا قُلت وعيسى ، أنسيت عيسى؟ فقال : نعم صدقت يا حجّاج ، فبأي شيء دخل عيسى في صلب نوح وليس له أب؟ فقال له الحجّاج : إنّه دخل في صلبه من حيث اُمّه. فقال العلوي : وكذلك الحسن