المجلس الرابع والأربعون بعد المئتين
لمّا كان زمن مروان بن محمَّد المُلقّب بالحمار ، آخر ملوك بني اُميّة ، اجتمع بنو هاشم بالمدينة وبايعوا محمَّد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهمالسلام ، وفيهم السّفّاح والمنصور ، ولم يبايعه جعفر بن محمَّد الصّادق (ع) ، فنسبه عبد الله بن الحسن إلى الحسد ، فقال الصّادق (ع) : «والله ، ما ذلك يحملني». وأخبرهم أنّ الخلافة تصير إلى السّفّاح وإخوته وأبنائهم ، وأخبرهم أنّ محمَّداً وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن مقتولان ، وقال : «إنّ صاحب الرّداء الأصفر ـ وهو المنصور ـ يقتل محمَّداً». فلمّا أفضى الأمر إلى المنصور بعد أخيه السّفّاح ، كان يخاف من محمَّد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن ؛ لأنّه بايع محمَّداً ، فحجّ المنصور وقال لعبد الله بن الحسن : أين ابنك محمَّد؟ قال : لا أدري. قال : لَتأتينَّ به. قال : لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه. فحبسه بالمدينة سنتين ، وولّى المدينة رجلاً يُقال له رياح ، وأمره أنْ يقبض على بني حسن ويحبسهم ، وكان عدوّاً لأهل البيت عليهمالسلام شرّيراً فحاشاً ؛ ولذلك ولاّه المنصور المدينة. فحبس منهم اثني عشر رجلاً غير عبد الله ، فيهم صبي صغير ، وفيهم رجل عابد اسمه علي بن حسن جاء إلى رياح وطلب منه أنْ يحبسه معهم ، فقيَّدهم وحبسهم ، وحبس معهم محمَّد بن عبد الله ـ من ولد عثمان ـ وكان أخاهم لاُمِّهم (وهي : فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب ((ع)» ، وولدان له. ثمّ إنّ المنصور حجَّ وأمر بحملهم إلى العراق ، فحُملوا مكبَّلين مغلولين ، فلمّا اُخرجوا وقف الصّادق (ع) وراء ستر رقيق ، فلمّا نظر إليهم ، هملت عيناه حتّى جرى دمعه على لحيته ، وقال : «والله ، لا يحفظ لله حرمة بعد هؤلاء». أقول : ما أدري ما كان يجري على مولانا الإمام جعفر بن محمَّد الصّادق (ع) ، لو نظر إلى جدِّه عليِّ بن الحسين (ع) حين أمر به ابن زياد أنْ يُغلَّ بغلٍّ في عُنقه؟ وفي رواية : في يديه ورقبته. وحمله مع عمّاته وأخواته ومَن تخلف من أهل بيته إلى يزيد في الشّام ، وفيهم