المجلس السّابع والعشرون
لمّا مات معاوية وبلغ أهل البصرة مكاتبة أهل الكوفة للحسين (ع) ، اجتمعت شيعة البصرة في دار مارية بنت منقذ العبدي ـ وكانت تتشيع ـ فتذاكروا أمر الاُمّة وما آل إليه الأمر ، فخرج بعضهم لنصرة الحسين (ع) ، وكاتبه بعضهم يطلب قدومه. قال السيّد ابن طاووس عليه الرحمة في كتاب الملهوف : إنّ الحسين (ع) كتب إلى جماعة من أهل البصرة كتاباً مع مولى له اسمه سليمان ويكنّى أبا رزين ، يدعوهم إلى نصرته ولزوم طاعته ، منهم : يزيد بن مسعود النّهشلي ، والمنذر بن الجارود العبدي ، والأحنف بن قيس وغيرهم ؛ فأمّا الأحنف فكتب إلى الحسين (ع) يصبّره ويرجّيه ، وقال في كتابه : أمّا بعد ، فاستقم كما اُمرت ولا يستخفّنك الذين لا يوقنون ؛ وأمّا المنذر فأتى بالرسول والكتاب إلى ابن زياد في الليلة التي كان ابن زياد يريد السفر صبيحتها إلى الكوفة ؛ لأنّ المنذر خاف أنْ يكون الكتاب دسيساً من عبيد الله ، وكان ابن زياد متزوّجاً ابنته ، فصلب الرسول. وأمّا يزيد بن مسعود فجمع بني تميم وبني حنظلة وبني سعد وبني عامر ، فلمّا حضروا قال : يا بني تميم ، كيف ترون موضعي فيكم وحسبي منكم؟ قالوا : بخ بخ ، أنت والله فقرة الظهر ورأس الفخر ، حللت في الشرف وسطاً وتقدّمت فيه فرطاً. قال : فإنّي قد جمعتكم لأمر اُريد أنْ اُشاوركم فيه وأستعين بكم عليه. قالوا : إنّا والله نمنحك النّصيحة ونجهد لك الرأي فقُلْ نسمع. فقال : إنّ معاوية قد مات فأهون به والله هالكاً ومفقوداً ، ألا وإنّه قد انكسر باب الجور والإثم وتضعضعت أركان الظلم ، وقد كان أحدث بيعة عقد بها أمراً أظنّ أنْ قد أحكمه ، وهيهات الذي أراد ؛ اجتهد والله ففشل ، وشاور فخذل ، وقد قام ابنه يزيد شارب الخمور ورأس الفجور يدّعي الخلافة على المسلمين ، ويتأمّر عليهم بغير رضاً منهم مع قصر حلم وقلّة علم ، لا يعرف من الحقّ موطئ قدمه. فاُقسم بالله قسماً مبروراً ، لَجهاده على الدّين أفضل من جهاد المشركين. وهذا الحسين بن علي ، ابن بنت رسول الله (ص) ذو الشّرف الأصيل والرأى الأثيل ، له فضل لا يوصف وعلم