المجلس السادس والأربعون بعد المأئتين
روى الشّريف المرتضى رضي الله عنه في الغُرر والدُّرر ، قال : قدم على الرشيد رجل من الأنصار يُقال له نفيع ، فحضر باب الرشيد يوماً ومعه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، وحضر موسى بن جعفر عليهماالسلام على حمار له ، فتلقّاه الحاجب بالبشر والإكرام ، وأعظمه مَن كان هناك وعجّل له الإذن ، فقال نفيع لعبد العزيز : مَن هذا الشّيخ؟ قال : أو ما تعرفه؟! قال : لا. قال : هذا شيخ آل أبي طالب ؛ هذا موسى بن جعفر. فقال نفيع : ما رأيت أعجز من هؤلاء القوم (يعني : بني العبّاس) ، يفعلون هذا برجلٍ يقدر أنْ يُزيلهم عن السّرير ، أما إنْ خرج لأسوأنّه. فقال له عبد العزيز : لا تفعل ؛ فإنّ هؤلاء أهل بيت قلّ ما تعرض لهم أحد في خطاب إلاّ وسموه في الجواب سمةً يبقى عارها عليه مدى الدهر. قال : وخرج موسى بن جعفر (ع) ، فقام إليه نفيع الأنصاري فأخذ بلجام حماره ، ثم قال له : مَن أنت؟ فقال : «يا هذا ، إنْ كُنتَ تُريد النّسب ، فأنا ابن محمَّد حبيب الله بن إسماعيل ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله ، وإنْ كُنتَ تُريد البلد ، فهو الذي فرض الله على المسلمين وعليك ـ إنْ كُنتَ منهم ـ الحجَّ إليه ، وإنْ كُنتَ تُريد المفاخرة ، فوالله ، ما رضي مشركو قومي مسلمي قومك أكفّاءً لهم حتّى قالوا : يا محمَّد ، اخرج إلينا أكفّاءنا من قريش ، ـ وذلك لمّا برز شيبة بن ربيعة ، وأخوه عتبة ، وولده الوليد بن عتبة يوم بدر وطلبوا المُبارة ، فبرز إليهم جماعة من الأنصار ، فقالوا : يا محمَّد ، اخرج إلينا أكفّاءنا من قريش. فبرز إليهم حمزة بن عبد المطّلب ، وعبيدة بن الحارث بن المطّلب ، وعلي بن أبي طالب (ع) ـ وإنْ كُنتَ تُريد الصّيت والاسم ، فنحنُ الذين أمر الله تعالى بالصّلاة علينا في الصّلوات الفرائض في قوله : اللهمّ صلِّ على محمَّد وآل محمَّد. ونحنُ آل محمَّد. خلِّ عن الحمار». فخلّى عنه ويده ترتعد وانصرف بخزي ، فقال له عبد العزيز : ألم أقل لك؟ ثمّ آل الأمر بالرشيد إلى أنْ قبض على