المجلس التاسع والأربعون بعد المئتين
روى الصّدوق في عيون أخبار الرضا (ع) : أنّ المأمون لمّا جعل علي بن موسى الرضا عليهماالسلام ولي عهده ، قصده الشّعراء ، ووصلهم بأموال جمّة حين مدحوا الرضا (ع) وصوّبوا رأي المأمون فيه دون أبي نَوّاس ؛ فإنّه لم يقصده ولم يمدحه ، فدخل أبو نَوّاس على المأمون ، فقال له : يا أبا نَوّاس ، قد علمت مكان علي بن موسى الرضا منّي وما أكرمته به ، فلماذا أخّرت مدحه وأنت شاعر زمانك وقريع دهرك؟! فأنشأ يقول :
قيلَ ليْ أنتَ أوحدُ النَّاسِ طُرَّاً |
|
في فنونٍ من الكلامِ النَّبيهِ |
لكَ من جوهرِ الكلامِ بديعٌ |
|
يُثمرُ الدُّرُ في يدَي مُجتنيِهِ |
فعلامَ تركتَ مدحَ ابنِ موسَى |
|
والخصالَ الّتي تجمَّعنَ فيِهِ |
قلتُ لا أهتدِي لمدحِ إمامٍ |
|
كان جبريلُ خادماً لأبيهِ |
فقال له المأمون : أحسنت. ووصله من المال بمثل ما وصل به كافّة الشّعراء ، وفضلّه عليهم. وفي عيون أخبار الرضا (ع) أيضاً ، قال : نظر أبو نَوّاس إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا (ع) ذات يوم ، وقد خرج من عند المأمون على بغلة له ، فدنا منه أبو نَوّاس فسلّم عليه ، وقال : يابن رسول الله ، قد قلتُ فيك أبياتاً فاُحبّ أنْ تسمعها منّي. قال : «هات». فأنشأ يقول :
مطهَّرونَ نَقِيَّاتٌ ثيابُهُمْ |
|
تجري الصَّلاةُ عليهِمْ أَينما ذُكِروا |
مَن لَم يَكُنْ علويّاً حينَ تَنسُبُهُ |
|
فمالَهُ في قديمِ الدَّهرِ مُفتخَرُ |
فاللهُ لمّا بدا خلقاً فأتْقَنهُ |
|
صفاكُمُ واصطفاكُمْ أيُّها البشرُ |
فأنتُمُ المَلأُ الأعلى وعندَكُمُ |
|
علمُ الكتابِ وما جاءتْ بهِ السُّوَرُ |