بأمر مسلم ، ويشيرون عليه بعزل النّعمان وتولية غيره. فدعا يزيد سرجون الرومي مولى معاوية ـ وكان مستولياً على معاوية في حياته ـ فاستشاره يزيد ، فقال : لو نشر لك معاوية ما كنت آخذاً برأيه؟ قال : بلى. فأخرج عهد عبيد الله بن زياد على الكوفة ، وقال : هذا رأي معاوية. فدعا يزيد مسلم بن عمرو الباهلي وأرسله إلى عبيد الله بن زياد ـ وكان والياً على البصرة ـ فضمّ إليه البصرة والكوفة ، وأمره أنْ يسير إلى الكوفة. فتجهّز عبيد الله من وقته وسار إلى الكوفة من الغد ومعه مسلم بن عمرو الباهلي رسول يزيد ، والحصين بن تميم التميمي صاحب شرطته ، وشريك بن الحارث الأعور الهمداني وهو من الشيعة ، فتمارض شريك رجاء أنْ يتأخّر ابن زياد في السّير فيدخل الحسين (ع) الكوفة قبله ، فتركه ابن زياد في الطريق وتقدّم فدخل الكوفة ليلاً. وكان النّاس قد بلغهم إقبال الحسين (ع) فظنّوا حين رأوا عبيد الله أنّه الحسين (ع) ، فكلمّا مرّ على جماعة سلّموا عليه وقالوا : مرحباً بك يابن رسول الله ، قدمت خير مقدم. فرأى من تباشرهم بالحسين (ع) ما ساءه ، فقال بعض مَن معه لمّا كثروا : تأخروا ، هذا الأمير عبيد الله بن زياد. وأصبح ابن زياد فنادى الصّلاة جامعة فاجتمع النّاس ، فخرج إليهم وخطبهم ووعد المحسن بالإحسان وتوعّد المسيء بأشدّ العقاب ، فبلغ ذلك مسلم بن عقيل فانتقل من دار المختار إلى دار هاني بن عروة ، وجعلت أصحابه تختلف إليه على تستّر واستخفاء. فدعا ابن زياد مولى له اسمه معقل وأعطاه ثلاثة آلاف درهم ، وأوصاه أنْ يلتمس مسلم بن عقيل وأصحابه ويظهر لهم أنّه منهم ويدفع إليهم المال ، فجاء معقل إلى مسلم بن عوسجة وهو يصلّي في المسجد ، فقال له : أنا رجل من أهل الشام أنعم الله عليّ بحبّ أهل هذا البيت ، وتباكى له ، وقال : معي ثلاثة آلاف درهم أحبّ دفعها للذي يبايع لابن بنت رسول الله (ص). فاغترّ مسلم بن عوسجة بذلك وأدخله على مسلم بن عقيل بعد أنْ أخذ عليه المواثيق المغلّظة ، فجعل معقل يختلف إليهم ويخبر ابن زياد بما يريده. وبلغ الذين بايعوا مسلم بن عقيل خمسة وعشرين ألف رجل ، فعزم على الخروج ، فقال هاني : لا تعجل.
هُمْ بايَعُوكَ وخانُوا العهْدَ وانخَذلُوا |
|
منْ بعدِ ما أوثَقوا عَهداً وأيمانَا |
ما يومُكُمْ منْ بني كوفانَ إذْ نَكثُوا |
|
بواحدٍ لا سقَى الرحمنُ كُوفانَا |