زياد بن عبيد ، عبد بني علاّج من ثقيف ، وأنا أرجو أنْ يرزقني الله الشهادة على يدي شرّ بريّته. فقال له ابن زياد : منّتك نفسك أمراً حال الله دونه وجعله لأهله. فقال له مسلم : ومَن أهله يابن مرجانة إذا لم نكن نحن أهله؟! فقال له ابن زياد : أهله أمير المؤمنين يزيد. فقال مسلم : الحمد لله على كلّ حال ، رضينا بالله حكماً بيننا وبينكم. فقال له ابن زياد : أتظنّ أنّ لك في الأمر شيئاً؟ فقال له مسلم : والله ، ما هو الظنّ ولكنّه اليقين. وقال له ابن زياد : إيه ابن عقيل ، أتيت النّاس وهم جميع أمرهم ملتئم ، فشتتّ أمرهم بينهم وفرّقت كلمتهم وحملت بعضهم على بعض. قال : كلاّ لست لذلك أتيت ، ولكنّكم أظهرتم المنكر ودفنتم المعروف ، وتأمّرتم على النّاس بغير رضىً منهم ، وحملتموهم على غير ما أمركم الله به ، وعملتم فيهم بأعمال كسرى وقيصر ؛ فأتيناهم لنأمر فيهم بالمعروف وننهى عن المنكر ، وندعوهم إلى حكم الكتاب والسنّة ، وكنّا أهل ذلك. فقال له ابن زياد : وما أنت وذاك يا فاسق؟ لِم لمْ تعمل بذلك إذ أنت بالمدينة تشرب الخمر؟ قال مسلم : أنا أشرب الخمر؟! أما والله ، إنّ الله ليعلم أنّك تعلم أنّك غير صادق ، وأنّك أحقّ بشرب الخمر منّي ، وأولى مَن يلغ في دماء المسلمين ولغاً فيقتل النّفس التي حرّم الله قتلها ، ويسفك الدم الذي حرّم الله على الغضب والعداوة وسوء الظن ، وهو يلهو ويلعب كأنْ لمْ يصنع شيئاً. فأخذ ابن زياد يشتمه ويشتم عليّاً وعقيلاً والحسن والحسين عليهمالسلام ، وأخذ مسلم لا يكلّمه. وفي رواية : أنه قال له : أنت وأبوك أحقّ بالشتيمة ، فاقضِ ما أنت قاضٍ يا عدو الله. ثم قال ابن زياد : اصعدوا به فوق القصر فاضربوا عنقه ، ثمّ اتبعوه جسده. ثمّ قال : أين هذا الذي ضرب ابن عقيل رأسه بالسّيف؟ فدعي بكر بن حمران فقال له : اصعد فلتكن أنت الذي تضرب عنقه. فصعد بمسلم وهو يكبّر ويستغفر الله ويصلّي على رسول الله (ص) ويقول : اللهمَّ ، احكم بيننا وبين قوم غرّونا وكذّبونا وخذلونا. وأشرفوا به على موضع من القصر فضُربت عنقه واُتبع رأسه جثّته.
يا مُسلمُ بنَ عقيلٍ لا أغبّ ثرَى |
|
ضريحِكَ المُزنُ هطّالاً وهتّانا |
نصرتَ سبطَ رسولِ اللهِ مُجتَهداً |
|
وذقْتَ في نصرِهِ للضُّرِّ ألوانا |
ورامَ تقريعَكَ الرّجسُ الدّعيُّ بما |
|
قدْ كان لفَّقهُ زُوراً وبُهتانا |
ألقمتَهُ بجوابٍ قاطعٍ حَجراً |
|
وللجهولِ بهِ أوضحتَ بُرهانا |