المجلس الثامن والثلاثون
لمّا نزل الحسين (ع) (زُبالة) وهو متوجّه إلى الكوفة ، أتاه بها مقتل عبد الله بن يقطر ، وهو أخو الحسين (ع) من الرضاعة ، وقيل : كانت اُمّ عبد الله هذا مربيّة للحسين (ع) فكان عبد الله من لدات الحسين (ع) وأقرانه في السنّ ؛ ولذلك اُطلق عليه أنّه أخوه من الرضاعة ، وإنّ الحسين (ع) لم يرضع من غير ثدي اُمّه فاطمة عليهاالسلام ، وكان الحسين (ع) أرسله مع مسلم بن عقيل إلى الكوفة ، فلمّا رأى مسلم الخذلان ، بعث عبد الله بن يقطر إلى الحسين (ع) يخبره بذلك. وكان ابن زياد قد نظم الخيل مع الحُصين بن تميم صاحب شرطته على الطرقات بين البصرة والقادسيّة ، فلا يدعون أحداً يلج ولا أحداً يخرج ، فقبض الحُصين على عبد الله بن يقطر وأرسله إلى ابن زياد ، فقال له ابن زياد : اصعد فوق القصر والعن الكذّاب ابن الكذّاب ثمّ انزل حتّى أرى فيك رأيي. فصعد فوق القصر ، فلمّا أشرف على النّاس ، لعن عبيد الله بن زياد وأباه ودعا إلى نصرة الحسين (ع) ، فألقاه بن زياد من أعلى القصر فمات (١). وكان قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة بلغ الحسين (ع) وهو بـ (زرود) ، وقيل : بلغه أيضاً بـ (زُبالة) ، فلمّا بلغ الحسين (ع) خبر عبد الله بن يقطر ، أخرج إلى النّاس كتاباً فقرأه عليهم.
وفيه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، فإنّه قد أتاني خبر فظيع ؛ قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبد الله بن يقطر ، وقد خذلَنا شيعتُنا ، فمَن أحبّ منكم
______________________
(١) وقع اشتباه هنا من بعض المؤرّخين بين قصّة قيس بن مسهّر الصيداوي رسول الحسين (ع) إلى أهل الكوفة الذي قبَضَ عليه الحُصين بن تميم وأرسله إلى ابن زياد ، فأمره أنْ يسبّ الحسين وأباه ففعل ضدّ ذلك ، فألقاه من أعلى القصر ، وبين قصّة عبد الله بن يقطر الذي أرسله ابن عقيل إلى الحسين (ع) فقَبضَ عليه الحُصين أيضاً ، وجرى له نظير ما جرى لقيس. ـ المؤلّف ـ