الشهادة في كثير من الأشياء ، من غير ان يشاهد جميع احواله. [وفي المعاشرات ، مثل السكون والطمأنينة اللتين حدّهما في انفسنا محدود ، انما منه استدلالات من غير ان يشاهد في جميع احواله]. ولما كان امر هذه القضية على ما وصفناه من استحكامه واستيلائه على الطبائع ، ثم وجد افلاطون وارسطوطاليس ، وبينهما في السير والافعال ، وكثير من الاقوال ، خلاف ظاهر ، فكيف يضبط الوهم معهما بتوهم وتحكم بالخلاف الكلّي بينهما؛ مع سوق الوهم الى القول والفعل جميعا تابعين للاعتقاد؛ ولا سيما حيث لا مراء فيه ولا احتشام ، مع تمادي المدة؟
ثم ، من افعالهما المباينة ، وسيرهما المختلفة ، تخلّي افلاطون من كثير من الاسباب الدنيوية ، ورفضه لها ، وتحذيره في كثير من اقاويله عنها ، وايثاره تجنبها؛ وملابسة ارسطوطاليس لما كان يهجر افلاطون ، حتى استولى على كثير من الاملاك وتزوّج ، واولد ، وتوزّر للملك الاسكندر ، وحوى من الاسباب الدنيوية ما لا يخفى على من اعتنى بدرس كتب اخبار المتقدمين. فظاهر هذا الشأن يوجب الظنّ بأنّ بين الاعتقادين خلافا في امر الدارين.