احدهما ، وزيادة فيها في الآخر ، فلا غير؛ على حسب ما لا يخلو منه كل الاثنين من اشخاص الناس ، اذ الاكثرون قد يعلمون ما هو آثر وأصوب وأولى؛ غير انهم لا يطيقونه ، ولا يقدرون عليه؛ وربما اطاقوا البعض وعجزوا عن البعض.
ومن ذلك ايضا ، تباين مذهبهما في تدوين العلوم ، وتأليف الكتب.
وذلك ان افلاطون كان يمنع ، في قديم الايام ، عن تدوين العلوم وايداع بطون الكتب دون الصدور الزكية والعقول المرضية. فلما خشي على نفسه الغفلة والنسيان ، وذهاب ما يستنبطه ، وتعسّر وقوفه عليه ، حيث استغزر علمه وحكمته ، وتبسط فيها؛ فاختار الرموز والالغاز (١) ، قصدا منه ، لتدوين علومه وحكمته ، على السبيل الذي لا يطّلع عليه الاّ المستحقّون لها ، والمستوجبون للاحاطة بها ، طلبا وبحثا وتنقيرا واجتهادا. واما ارسطوطاليس ، فكان مذهبه الايضاح ، والتدوين ، والترتيب ، والتبليغ ، والكشف ، والبيان ، واستيفاء كل ما يجد اليه السبيل من ذلك.
__________________
(١) ربما يشير هنا إلي لجوء أفلاطون للخرافات والأساطير في مؤلفات لمثل الكهف ، واسطورة آر الذي عاد إلي الحياة وروي ما شاهد حول محاسبة النفوس ومصيرها في العالم الآخر.