كل قسم منهما كذلك ، وينظر في اي الجزءين يقع المقصود تحديده؛ ثم لا يزال يفعل كذلك الى ان يحصل امر عاميّ قريب من المقصود تحديده ، وفصل يقوّم ذاته ويفرده عمّا يشاركه. وهو في ذلك لا يخلو من تركيب ما حيث يركّب الفصل على الجنس؛ وان لم يقصد ذلك من اول الامر. فاذا كان لا يخلو من ذلك فيما يستعمله. وان كان ظاهر سلوكه ذلك خلاف ظاهر سلوكه هذه ، فالمعاني واحدة. وايضا ، فسواء طلبت جنس الشيء وفصله ، او طلبت الشيء في جنسه وفصله. فظاهر ان لا خلاف بين الرأيين في الاصل ، وان كان بين المسلكين خلاف. ونحن لا ندّعي انه لا بون ، بوجه من الوجوه وجهة من الجهات ، بين الطريقين ، لانه يلزمنا ، عند ذلك ، ان يكون قول ارسطوطاليس ومأخذه وسلوكه ، هي باعينها قول افلاطون ومأخذه وسلوكه. وذلك محال وشنيع ، ولكنّا ندّعي انه لا خلاف بينهما في الاصول والمقاصد ، على ما بيّناه او سنبيّنه بمشيئة اللّه وحسن توفيقه.
ومن ذلك ايضا ، ما انتحله امونيوس (١) وكثير من الاسكلائيين (٢)
__________________
(١) أمونيوس : هو امونيوس ساكاس (١٧٥ ـ ٢٥٠ م) فيلسوف اسكندي من ابوين مسيحيين ، ارتد عن المسيحية واعتنق الافلاطونية الجديدة ، وعلم افلوطين.
(٢) الاسكلائيين : المدرسيين.