لمتأمل هذه الاقاويل والناظر فيها بعين النصفة ، انه لا خلاف بين الرأيين ، ولا تباين بين الاعتقادين (١).
وبالجملة ، فليس يوجد الى الآن لافلاطون اقاويل يبين فيها المعاني المنطقية التي زعم كثير من الناس ان بينه وبين ارسطوطاليس فيها خلافا. وانما يحتجون على ما يزعمون ببعض اقاويله السياسية والخلقية والالهية ، حسب ما ذكرناه.
ومن ذلك حال الابصار ، وكيفيته؛ وما ينسب الى افلاطون من ان رأيه مخالف لرأي ارسطو : ان ارسطو يرى ان الابصار انما يكون بانفعال من البصر؛ وافلاطون يرى ان الابصار انما يكون بخروج شيء من البصر وملاقاته المبصر وقد اكثر المفسرون من الفريقين الخوض في هذا الباب؛ وارادوا من الحجج والشناعات والالزامات؛ وحرّفوا اقاويل الائمّة (٢) عن سننها المقصودة بها ، وتأوّلوا تأويلات انساغت لهم معها الشناعات ، وجانبوا طريق الانصاف والحق. وذلك ان اصحاب
__________________
(١) هكذا يخلص الفارابي إلي هذه النتيجة بشأن الجدل حول مسألة القياس عند الحكيمين اليونانيين وهي أنه لا خلاف بين الرأيين ولا تباين بين الاعتقادين.
(٢) يعين بلأئمة هنا افلاطون وارسطو.