احوال الموجودات على غير ما هي عليه. فان الحس يدرك من حال الموجود المجتمع مجتمعا ، ومن حال الموجود المتفرق متفرقا ، ومن حال الموجود القبيح قبيحا ، ومن حال الموجود الجميل جميلا ، وكذلك سائرها. واما العقل ، فانه قد يدرك من حال كل موجود ما قد ادركه الحسّ ، وكذلك ضدّه ، فانه يدرك من حال الموجود المجتمع مجتمعا ومتفرقا معا ، ومن حال الموجود المتفرق متفرقا ومجتمعا معا ، وكذلك سائر ما اشبهها.
فمن تامل ما وضعناه على سبيل الايجاز بما قد بالغ الحكيم ارسطو في وصفه ، في آخر كتاب «البرهان» وفي كتاب «النفس» ، وقد شرحه المفسرون واستقصوا امره ، علم ان الذي ذكره الحكيم في اول كتاب البرهان» وحكيناه في هذا القول ، قريب مما قاله افلاطون في كتاب «فاذن» ، الا ان بين الموضوعين خلافا ، وذلك ان الحكيم ارسطو يذكر ذلك عند ما يريد ايضاح امر العلم والقياس. واما افلاطون فانه يذكره عند ما يريد ايضاح امر النفس. ولذلك اشكل على اكثر من ينظر في اقاويلهما. وفيما اوردناه كفاية لمن قصد سواء السبيل.
ومن ذلك ايضا امر العالم وحدوثه؛ وهل له صانع هو علته الفاعلية ، ام لا. ومما يظن بارسطوطاليس انه يرى ان العالم قديم ، وبافلاطون انه يرى ان العالم محدث.