تصور انه لا في مكان؛ وان اجبر على ذلك وكلّف تصوّره تبلّد ، فانه يترك على حاله ولا يساق الى غيرها. وكذلك لا يقدر الجمهور على معرفة شيء يحدث لا عن شيء ، ويفسد لا الى شيء؛ فلذلك ما قد خوطبوا بما قدروا على تصوّره وادراكه وتفهّمه ، لا يجوز ان ينسب شيء من ذلك فيما هو في موضعه الى الخطأ والوهي؛ بل كل ذلك صواب مستقيم. فطرق البراهين الحقيقة منشأها من عند الفلاسفة الذين مقدّمهم هذان الحكيمان ، اعني افلاطون وارسطوطاليس.
واما طريق البراهين المقنعة المستقيمة العجيبة النفع ، فمنشؤها من عند اصحاب الشرائع الذين عوّضوا بالابداع الوحي والالهامات. ومن كان هذا سبيله ومحلّه من ايضاح الحجج واقامة البراهين على وحدانية الصانع الحق ، وكان اقاويله في كيفية الابداع وتلخيص معناه باقاويل هذين الحكيمين ، فمستنكر ان يظن بهما فسادا يعتري ما يعتقدانه ، وان رأييهما مدخولان فيما يسلكانه.
ومن ذلك ، الصور والمثل التي تنسب الى افلاطون انه يثبتها ، وارسطو على خلاف رأيه فيهما. وذلك ان افلاطون ، في كثير من اقاويله ، يومئ الى ان للموجودات صورا مجردة في عالم الاله؛ وربما يسميها «المثل الالهية» ؛ وانها لا تدثر ولا تفسد ، ولكنها باقية ، وان