ومما يظن بالحكيمين ، افلاطون وارسطو ، انهما لا يريانه ولا يعتقدانه ، امر المجازاة والثواب والعقاب. وذلك وهم فاسد بهما. فان ارسطو صرح بقوله ان المكافأة واجبة في الطبيعة. ويقول في «رسالته» التي كتبها الى والدة الاسكندر ، حين بلغها بغيه وجزعت عليه وعزمت على التشكك بنفسها. واول تلك الرسالة : «فاما شهود اللّه في ارضه التي هي الانفس العالمة ، فقد تطابقت على ان الاسكندر العظيم من افضل الاخيار الماضين؛ واما الآثار الممدوحة ، فقد رسمت له في عيون اماكن الارض واطراف مساكن الانفس ، بين مشارقها ومغاربها ؛ ولن يؤتي اللّه احدا ما اتاه الاسكندر ، (الاّ) من اجتباء واختيار؛ والخير من اختاره اللّه تعالى. فمنهم من شهدت عليه دلائل الاختيار؛ ومنهم من خفيت تلك فيه. والاسكندر اشهر الماضين والحاضرين دلائل ، واحسنهم ذكرا واحمدهم حيوة ، واسلمهم وفاة. يا والدة اسكندر ، ان كنت مشفقة على العظيم اسكندر ، فلا تكسبنّ ما يبعدك عنه ، ولا تجلبي على نفسك ما يحول بينك وبينه ، حين الالتقاء في زمرة الاخيار ، واحرصي على ما يقرّبك منه؛ واوّل ذلك توليتك بنفسك الطاهرة امر القرابين في هيكل زيوس» (١).
__________________
(١) لا يوجد في هذا القسم من رسالة ارسطو الي والدة الاسكندر ما يشير الي ايمانه بالحساب في الحياة الأخري.