خلقهم منه ، وأبدانهم من دون ذلك ، فقلوبهم تهوي إليهم لأنّها خلقت ممّا خلقوا منه ؛ ثمّ تلا هذه الآية : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ * كِتابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١) انتهى (٢).
وبالجملة : الكافر أصله من جهنّم ، فمرجعه إليها ؛ كما قال : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) (٣) وتفصيل ذلك لا يسعه هذا المختصر.
(وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) وتكرار الآية لتأكيد تقوية قلوب المؤمنين على الجهاد مع الكفّار ، أو لأنّ الأولى لتأييد النصر لاتّصالها بذلك المؤمنين ، والثانية لتأييد الانتقام والانتصار لاتّصالها بذكر المنافقين والمشركين ، ولذا أبدل «عليما» بـ «عزيزا» والعزيز هو الغالب القاهر.
ومن المحتمل أن يكون المراد من جنود السماوات هو جنود العقل ، ومن جنود الأرض هو جنود الجهل ، قال الصادق عليه السلام : إنّ الله خلق العقل وهو أوّل خلق من الروحانيّين عن يمين العرش من نوره ، فقال له : أدبر ، فأدبر ، ثمّ قال له : أقبل ، فأقبل ، فقال الله : خلقتك خلقا عظيما وكرّمتك على جميع خلقي ، قال : ثمّ خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانيّا فقال له : أدبر ، فأدبر ، ثمّ قال له : أقبل ، فلم يقبل ، فقال له : استكبرت ، فلعنه ثمّ جعل للعقل خمسة وسبعين جندا ، فلمّا رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه
__________________
(١) المطفّفين : ٧ ـ ١٠.
(٢) الكافي ١ : ٣٩٠.
(٣) القارعة : ٩.