والأسماء ثلاثمائة وستّون اسما (١). انتهى. وغير ذلك من الأخبار كثير.
ومنها : ما ذكره الغزاليّ في «الكشف» وهو الذيل لكنّ حاصله : إنّ الحقّ تغاير الاسم والمسمّى والتسمية ، وإنّ هذه ثلاثة أسماء متباينة غير مترادفة. وقال : لا سبيل إلى كشف الحقّ إلّا ببيان معنى كلّ واحد من هذه الألفاظ الثلاثة منفردا ، ثمّ بيان معنى قولنا : هو هو ، ومعنى قولنا : هو غيره ، فهذا منهاج الكشف للحقائق ، ومن عدل عن هذا لم ينجح أصلا ، فإنّ كلّ علم تصديقيّ ـ أي المتطرّق إليه الصدق والكذب ـ فإنّه لا محالة قضيّة تشتمل على موصوف وصفة ونسبة تلك الصفة إلى الموصوف ، فلا بدّ أن يتقدّم عليه المعرفة بالموصوف وحده على سبيل التصوّر لحقيقته ، ثمّ المعرفة بالصفة وحدها ، ثمّ النظر في نسبة الصفة إلى الموصوف أنّها موجودة له أو منتفية عنه ويسمّى بالنسبة الحكميّة.
فنقول في بيان حدّ الاسم وحقيقته : إنّ للأشياء وجودا في الأعيان ، ووجودا في الأذهان ، ووجودا في اللسان ؛ أمّا الوجود في الأعيان فهو الوجود الأصليّ الحقيقيّ الشخصيّ الخارجيّ ، والوجود في الأذهان هو الوجود العلميّ التصوّريّ ، والوجود في اللسان هو الوجود التلفّظيّ الدليليّ ، فإنّ السماء مثلا لها وجود في عينها ونفسها وهي الوجود المشهود الخارجيّ ، ثمّ لها وجود في أذهاننا ؛ إذ صورتها منطبعة في أبصارنا أوّلا ، ثمّ في خيالنا بحيث لو عدمت السماء وبقينا لكانت صورتها حاضرة في خيالنا بالقوّة الدرّاكة ، وهذه الصورة هي الّتي يعبّر عنها بالعلم ، وهي مثال ومحك
__________________
(١) مصباح الكفعميّ : ٣١٢.