يختلفان ويتعدّدان باعتبار المفهوم ، وأمّا باعتبار المصداق فهو واحد ، العلم نفس القدرة في نفس الأمر ، وإنّما تعدّدا واختلفا باعتبار اختلاف متعلّقهما وجهته من حيث الفهم والإدراك ، والمفهومان حادثان ، وهما عنوان المعنى القديم الّذي هو واحد بكلّ اعتبار ، فإنّا إن أردنا العلم القديم فهو الله ، وإن أردنا العلم الحادث المرتبط بالمعلوم فهو المعلوم ، أو صفة المعلوم ، والأوّل غير مرتبط بشيء لأنّ ذاته غير مرتبطة بشيء ، والأوّل ليس هو المعلوم ، ولا صفة المعلوم ، لأنّ ذاته ليس هو المعلوم الحادث ، ولا صفته.
وإذا قلت : هو المعلوم القديم ، وجب الاتّحاد ، وامتنع التعدّد والكثرة ولو باعتبار الفرض والاحتمال والإمكان ، والثاني ؛ أي العلم الحادث مرتبط بالمعلوم ، لأنّه إمّا نفس المعلوم على قول ، أو صفته على آخر ، وإذا أردنا القدرة القديمة فهو الله ، وإن أردنا الحادثة فهي المتعلّقة بالحادث ، والممتنع ليس شيئا ، فكما لا يكون مقدورا لا يكون معلوما ، لأنّه لو كان معلوما لكان إمّا نفس العلم ، فلا يكون ممتنعا ، لأنّ العلم موجود ، وإما موصوفا ، والعلم صفة على القول الآخر بأنّ العلم صفة المعلوم ، ويجب أن يكون على هذا الممتنع موجودا ، لأنّ العلم صفته هي موجودة ، ولا يجوز في العقول أن تكون الصفة موجودة والموصوف ممتنع الوجود. انتهى.
وحاصله : أنّ المحال كما لا تتعلّق به القدرة ، كذلك لا يتعلّق به العلم ، فأعمّيّة العلم ممنوعة. فتأمّل.
ثمّ أشار سبحانه إلى بعض آثار صنعه وقدرته ، وأنّ قدرته تشمل الجواهر والأعراض ، ولا تختصّ بالجواهر ، فقال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ