من غير بحث وتفتيش اعتمادا على صدقهم ، أو نعقل فنفكّر في حكمه ومعانيه تفكّر المستبصرين ، ما كنّا في عداد أصحاب الجحيم وفي جملتهم (١).
ومنها : ما ذكره في الكشّاف من : أنّا لو كنّا نسمع الإنذار سماع طالبين للحقّ ، أو نعقله عقل متأمّلين (٢).
ولا يخفى أنّه يمكن إرجاع بعض هذه الوجوه إلى بعض آخر.
وفي الكشّاف : إنّ من بدع التفاسير أنّ المراد لو كنّا على مذهب أهل (٣) الحديث أو على مذهب أصحاب الرأي ؛ كأنّ هذه الآية نزلت بعد ظهور هذين المذهبين ، وكأنّ سائر أصحاب المذاهب والمجتهدين قد أنزل الله وعيدهم ، وكأنّ من كان من هؤلاء فهو من الناجين لا محالة ... (٤) إلى آخره. انتهى.
هذا مع أنّه لو صحّ هذا التفسير صحّ استدلال كلّ أهل مذهب بهذه الآية على صحّة مذهبه ، وهو كما ترى.
وكيف كان ، فهذه الآية جارية في الأصول والفروع ، ودالّة على أنّ تارك طريقي الاجتهاد والتقليد لمن ليس له قوّة الاجتهاد مؤاخذ. فتأمّل.
(فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) قد عرفت اختصاص مورد ما تقدّم بالمقصّرين ، وعدم شموله للقاصرين الّذين لم يبلغهم خطاب التكليف ، فالأعتراف بالذنب في محلّه ، ولكنّه غير نافع في الآخرة مطلقا ،
__________________
(١) التفسير الصافي ٥ : ٢٠٢.
(٢) الكشّاف ٤ : ٥٧٨ ـ ٥٧٩.
(٣) في المصدر : أصحاب.
(٤) الكشّاف ٤ : ٥٧٩.