أيضا قوله تعالى (يُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا) الآية (١) وهو في غاية من الاشكال والصعوبة الله يعين ويعفو ، ويفهم التأويل ممّا سيجيء من الكشاف وأيضا يدلّ على اشتراط الاستقلال بالعبادة فلا يصحّ التولية والاستعانة فيها ، ويدلّ عليه أيضا ما روي عن الرضا عليهالسلام حين (٢) سئل أن يصبّ الماء عليه ومنعه ، فقال السائل ما تحبّ أن أوجر؟ فقال : تؤجر أنت وأعاقب أنا ، ولكن هذه مع ما تقدّم من حكاية المأمون يدلّان على صحّة ذلك الفعل ، وحصول الثواب للمعين والعقاب للمعان ، وهو مشكل فإنّه ينبغي بطلان العبادة ، فكان يجب على المأمون إعادة الوضوء ، وعلى الإمام الأمر بها لا الإتمام ، والعقاب على المعين أيضا ، فإنّه يصير معينا على الحرام إلّا أن يحمل على الكراهة مع الطلب ، ويكون مقصوده عليهالسلام بقراءة الآية إشارة إلى المبالغة في المنع لا الحقيقة ، أو يكون ما فعله المأمون من مندوبات الصلاة (٣) أو ما تمكّن عليهالسلام من أكثر من ذلك ، ويكون المعين جاهلا وقصد القربة فيثاب ، فيكون هذا دليلا لكون الجاهل معذورا.
واعلم أنّا قد جرّ بنا الانتباه في وقت أردناه بقراءة الآية المتقدّمة ، وقد وجدناه كما روي غير مرّة وأخبرنا بعض من يوثق به من الأصحاب أيضا بذلك ، فالخبر صحيح فيكون وجود النور من المضجع إلى البيت الحرام كذلك صحيحا فإنّهما مرويّة في رواية واحدة ، ولا معنى لصدق بعضه وكذب البعض ، ولكن مع حشو ذلك النور من الملائكة ويدعون للقارئ إلى أن يستيقظ كما رأيته في غير مجمع البيان مثل التهذيب (٤) وسيجيء في الكشّاف كذلك فلعلّ في مجمع البيان غلطا ونقصا ويؤيّده ما رواه أبو جعفر بن بابويه في الفقيه (٥) في باب ما يقول الرجل إذا أوى
__________________
(١) وهي (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ، آل عمران ١٨٨.
(٢) الكافي ج ٣ ص ٦٩ ، والسائل هو الحسن بن على الوشاء.
(٣) أى كان الوضوء للصلوات المندوبة ، وفي بعض النسخ : من مندوبات الوضوء خ ل.
(٤) التهذيب ج ١ ص ١٨٥.
(٥) الفقيه ج ١ ص ٢٩٧.