عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١).
تخصيص المؤمن بالخطاب لأنّ الكافر لم يقم إلى الصلاة ، ولأنه المنتفع به كما في أكثر التكاليف (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) أي إذا صلّيتم فإنّ المراد بالقيام قيامها ، والتقدير إذا أردتم الصلاة مثل (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) (٢) فأقيم مسبّب الإرادة مقامها للإشعار بأنّ الفعل ينبغي أن لا يترك ولا يتهاون فيه ، ويفعل سابقا على القصد الّذي لا يمكن إلّا بعده ، فظاهر الأمر الوجوب ، فيجب الوضوء للصّلاة بأن يغسل الوجه. والغسل محمول على العرفيّ ، وفسّر بإجراء الماء على العضو ولو كان بالآلة وأقلّه أن يحري ويتعدّى من شعر إلى آخر ، وظاهرها يدلّ على وجوبه كلّما قام إليها لأنّ ظاهر «إذا» العموم عرفا وإن لم يكن لغة ، ولأنّ الظاهر أنّ القيام إليها علّة ، ولكن قيّد بالإجماع والأخبار بالمحدثين.
وقيل : كان ذلك في أوّل الأمر ثمّ نسخ وقيل الأمر فيه للندب وردّ النسخ بما روي عنه صلىاللهعليهوآله : المائدة آخر القرآن نزولا فأحلّوا حلالها وحرّموا حرامها ولي في النسخ تأمّل إلّا أن يقال المراد نسخ وجوب الوضوء على المتوضّئين المفهوم من عموم فاغسلوا ، فعمومه منسوخ ، وليس ذلك بتخصيص حيث كان العموم مرادا معمولا به ، وكذا في الندب إلّا أن يقال الندب بالنسبة إلى المتوضّئين فيكون المراد به الرجحان المطلق ، فكان الندب بالنسبة إلى المتوضّئين والوجوب بالنسبة إلى غيرهم هذا صحيح ولكن ليس هذا قولا (٣) بأنّ الأمر للندب فقط كما قاله في الكشّاف وأيضا قال فيه حمله على الوجوب والندب إلغاز وتعمية ، فلا يجوز في القرآن لأنّه استعمال اللّفظ في وقت لمعنييه الحقيقيّ والمجازيّ في إطلاق واحد ، وفيه تأمّل لأنّه مجاز والمجاز غير إلغاز ، ولكن بعيد لعدم القرينة إلّا أن يريد مع فهم التفصيل فهو إلغاز ولكن يجوز ذلك بالبيان النبويّ كما في سائر الإطلاقات والعمومات المخصوصات مثل آيات الصلاة والزكاة وغيرها.
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) النحل : ٩٨.
(٣) في المطبوعة : ولكن هذا قول إلخ ، وهو سهو.