(الثالث)
(في أمور تتبع الإخراج)
وفيه آيات :
الاولى: (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (١).
فيها تحريض على الإنفاق بالخير كأنّه المال بأنّ ذلك أنفع للمنفق لا للمنفق عليه ، وبأنّه موجب لتوفية الأجر ، واشتراط القربة والإخلاص لأنّ الظاهر أنّ المراد بالنفي في قوله «وما تنفقون» النهي فيفهم النيّة ، فافهم.
الثانية: (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) (٢).
قيل تقديره اعمدوا للفقراء ، أو اجعلوا ما تنفقونه للفقراء ، أو يكون خبرا لمبتدإ محذوف أي صدقاتكم للفقراء ، ولمّا بيّن الإنفاق الّذي هو خير ، أراد أن يشير إلى المنفق عليه الّذي الإنفاق عليه خير ، فقال (لِلْفُقَراءِ) فيحتمل أن يكون التقدير هو للفقراء أي إعطاؤه للفقراء خير ، أو ينبغي كون ذلك للفقراء كاخفائه ، أي للّذين ليس لهم نفقة السنة فعلا [أ] وقوّة ، وأحصروا أنفسهم في سبيل الله ، يعني منعوا أنفسهم عن الكسب بالتجارة وغيرها للتهيّؤ للجهاد أو لمطلق العبادة ولا يقدرون على الرواح في التجارة والكسب لاشتعالهم بالجهاد أو العبادة مطلقا (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ) بحالهم (أَغْنِياءَ) من جهة عفّتهم وعدم سؤالهم ، وكأنّ جملة :
__________________
(١) البقرة : ٢٧٢.
(٢) البقرة : ٢٧٣.