تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (١).
أي لا تحبطوا أجر الصدقة بكلّ واحد من المنّ والأذى كابطال المرائي إنفاقه الّذي لا يريد به رضى الله ولا ثواب الآخرة ، فالكاف في محلّ النصب بالمصدر ، أي لا تبطلوا إبطالا مثل إبطال الّذي ، ويحتمل الحال فيكون المعنى لا تكونوا مبطليها بهما حال كونكم مثل الّذي يبطل بالرياء ، والرياء منصوب بأنّه مفعول له أو على الحال بمعنى مرائيا ، أو المصدر أي إنفاقا رئاء ، يعني صفة المصدر أو المضاف إليه له وحذف ووضع مقامه (وَلا يُؤْمِنُ) عطف على (يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ) أي وكالّذي لا يؤمن بمعنى كابطاله أعماله أو صدقته فقطّ إذ الكلام فيها أو يكون المعنى كما مرّ بأن يكون من تتمّة التشبيه الأوّل وتفسيرا للمرائي يعني لا يؤمن المرائي بالله ولا باليوم الآخر فلا يؤمن بحصول الثواب بالإنفاق أو الأعمّ أي لا يريد رضى الله وثواب الله يوم الآخرة ولا يصدّق حصولهما بالإنفاق والعمل الصالح ، ويحتمل عطفه على رئاء بجعله حالا بتأويل المفرد.
(فَمَثَلُهُ) مثل المرائي أو مثل المبطل إنفاقه بالمنّ والأذى والرياء في إنفاقه وعدم الإيمان مثل حجر أملس يكون عليه تراب خالص فوقع عليه مطر عظيم القطر فجعل ذلك المطر ذلك الحجر الأملس نقيّا من التراب فليس لهم أجر ولا هم ينتفعون بشيء ممّا كسبوا بطريق الرياء بل وجدوا نقيضه لحرمة الرياء بل كونه شركا كما يشعر به (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) فإنّه تعريض وإشارة بأنّ ذلك كفر فكأنّه عبّر عنهم بالكافرين كما في ترك الزكاة والحجّ ، ففيها تحريم المنّ والأذى والرئاء ووجوب الإخلاص في الإنفاق بل سائر الأعمال.
التاسعة: (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (٢).
__________________
(١) البقرة : ٢٦٤.
(٢) البقرة : ٢٦٥ ، وما بعدها ذيلها.