الله ظلما وعدوانا ، وهذا يشعر بكونها للملابسة والحاليّة ، وقيل : هو الاستحلال للحرم والركوب للآثام ، عن ابن عبّاس والضحّاك ومجاهد وابن زيد.
كأنّ المراد باستحلال الحرم اعتقاد جواز تخرييه وعدم كونه حرما ذا حرمة يجب تعظيمه وترتّب أحكامه الحرميّة عليه من تحريم الصيد وغيره ، وقيل هو كلّ شيء نهي عنه حتّى شتم الخادم فيه ، لأنّ الذنوب هناك أعظم ، وقيل هو دخول مكة بغير إحرام عن عطاء.
(نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) جواب «من» الشرطيّة وخبرها ، أي متى فعل ذلك نعذّبه عذابا وجيعا ، والتفاسير مضطربة والمحصّل معلوم إنشاء الله تعالى وكذا استفادة بعض الأحكام مثل كون كلّ ذنب فيه موجبا للعذاب الأليم ، فيكون كبيرة بل إرادة ذلك ، فهي تدلّ على أنّ إرادة القبيح والحرام فيه قبيح وحرام بل كبيرة ويشعر أيضا بكون محلّ الإلحاد مكّة أو المسجد الحرم ، إذ غير ظاهر كون كلّ الحرم بهذه المثابة مع احتمال كونه كذلك لما علم ممّا سبق قال في الكشّاف (١) وخبر أنّ محذوف لدلالة جواب الشرط عليه تقديره إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن المسجد الحرام نذيقهم من عذاب أليم ، وكلّ من ارتكب فيه ذنبا فهو كذلك وينبغي أن يقول عن سبيل الله وعن المسجد إلخ.
وقيل في قوله (وَطَهِّرْ) أي يا إبراهيم (بَيْتِيَ) أي البيت الّذي هو القبلة على الظاهر (لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) دلالة على وجوب إزالة النجاسة عن المسجد وتحريم إدخالها مطلقا وفيه تأمّل من وجوه ، ويؤيّده ما قال في مجمع البيان وطهّر بيتي من الشرك وعبادة الأوثان عن قتادة (٢) والمراد بالقائمين المقيمين ، وقيل القائمين في الصلاة عن عطاء.
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ) أي ناديا إبراهيم بينهم بالحجّ بأن تقول حجّوا أيّها الناس أو عليكم بالحجّ ، وروي أنّه صعد أبا قبيس فقال أيّها النّاس حجّوا بيت
__________________
(١) في المطبوعة ن : رمز مجمع البيان ، وهو مذكور فيه راجع ج ٧ ص ٧٩ ، ولكن النص مذكور في الكشاف.
(٢) مجمع البيان ج ٧ ص ٨٠.